Sunday, March 24, 2019

ليوناردو دافنشي: رحلات العقل - 2 - آل دافنشي





 ليوناردو دافنشي: رحلات العقل

2- آل دافنشي

كانت عائلة دافنشي من الأسر العريقة: ليست نبيلة، وليست عريضة الثراء، كما أنّها لم تحظَ بكبير قدرٍ من العظمة، ولكنها عائلة كريمة الأصل والمكانة. عاش أفرادها ازدواجية حياة السادة وهم يديرون تجارتهم في المدينة ويزرعون الريف لأربعمائة عام. وقد استفادوا من ذلك العمل بعلاقات فلورنسية مهمة، وزيجات مواتية بقدر ما اجتهدوا في إدارة كرومهم وبساتينهم. لقد حولوا أرباحهم إلى ممتلكات. وليس بي أدنى رغبة لإضفاء شيء من الرومانسية على حياتهم، والتي بلا شك كان لها صعوباتها ومشاكلها، ولكن على ما يبدو أنّها كانت تناسبهم، وحظي من طال بهم الأمد في هذه الحياة من أفرادها حياة حافلة

فقد كانت عائلة من كتبة العدل، وهي مهنة زادت أهميتها مع النمو التجاري في القرن السابق. وقد كان كاتب العدل هو من يحرر العقود،  ويثبت الصفقات، ويسلِّم الفواتير ويطالب بقوائم الحسابات.  فهم من ينشيء السجلات ويحفظها، ويلقي عملهم بظله على الأدوار الأخرى مثل المحامي، والمحاسب، ووسيط الاستثمار الذي يسهِّل عملية دوران دولاب التجارة. ونقابة كاتبي العدل في فلورنسا، Arte dei Giudici e Notai arti ، كانت أفضل النقابات السبع الكبرى، أو كما تسمى في اللغة الإيطالية " Notai arti maggiori.  وقد كان أقدم آل دافنشي في السجلات هو السير ميشيل، الذي كان كاتب عدل، وكذلك ابنه، السير جيدو (اللقب الشرفي "Ser"، يعتبر المقابل الفضفاض للعبارة الإنجليزية "Sir"، والتي كانت امتيازاً لكتّاب العدل والمحامين). السير جيدو مسجّلٌ في أحد الأعمال العدلية التي تعود في تأريخها إلى عام 1339: أول تأريخ مؤكد في تأريخ الأسرة. وقد استخدم أنطونيو "السجل العدلي" الخاص به لتسجيل مواليد العائلة، بما في ذلك ميلاد ليوناردو، الذي كان هو الحفيد الثامن للسير جيدو. وقد كان سير بيرو ابن السير جيدو صاحب النصيب الأكبر في الاحتفاء به كأحد كتاب العدل في عائلة فنشي. (والذي ينبغي أن أدعوه بالسير بيرو الأكبر، للتمييز بينه وبين والد ليوناردو).وقد كان شخصاً ناجحاً في أواخر فلورنسا القرن الرابع عشر، في السنوات الأخيرة قبل اعتلاء ميديشي سدَّة الحكم في 1361، بعد سنة من توليته الكتابة العدلية،  كان مبعوث فلورنسا لدى محكمة ساسوفيراتو، وقد أصبح فيما بعد كاتب عدل بالسينيوريا أي حكومة الجمهورية الفلورنسية. وقد كان أخوه جيوفاني هو الآخر كاتب عدلٍ؛ ويبدو أنه قد توفي في اسبانيا حوالي عام 1406- وقد خالف في اغترابه ذلك عن ديدن أسرته –آل فنشي . 

وقد مثلت فلورنسا بالنسبة لأجيال دا فنشي التي عاشت في القرن الرابع عشر، وطن معاشهم، وعاصمتهم السياسية والتجارية حيث ينبغي أن يكونوا. وقد كانت فينشي موطن آبائهم وملكياتهم الموروثة، والمكان الذي يلوذون به من قيظ صيف المدينة، ولكنّها لم تكن دائماً ذلك المقام الطيب. ومن موقعها المتاخم للحدود الغربية للنفوذ الفلورنسي، فقد تعرضت للغزو المتكرر من أعداء فلورنسا. وفي ثلاثينيات القرن الرابع عشر عسكر جبار لوكا كاستروتشو كاستركاني (والملقب بمُخصي الكلاب) وراء أسوارها لفترة تزيد عن ست سنوات، وقد جذبت البلدة فيما بعد اهتمام السير جون هوكوود، المرتزق المولود في بلدة إسكس في الريف الإنجليزي، والذي نشرت مليشياته الرعب في الريف. وقد كان هذا في عام 1364. أما هوكوود- والذي تمت طلينة اسمه ليصبح جيوفاني دكوتو، أي جون الذكي- فقد كان يعمل لحساب مدينة بيزا، ولكنه أصبح قائداً فلورنسياً وفياً في السنوات التالية، وخلدت ذكراه من خلال صورة شخصية جدارية في كاتدرائية المدينة، تصوره معتلياً صهوة جواد أبيض وهي من أعمال اوتشيلو الذي كان معروفاً لدى ليوناردو دون شك. وقد كانت هنالك مزاعم بأنَّ هوكوود كان هو شخصية البطل في حكايات تشوسر كانتربري" الفارس النبيل المثالي" كونّه يمثل صورة شخصية ممعنة في السخرية لرجل كان في الحقيقة مرتزقاً. فتشوسر نفسه كان في فلورنسا في بدايات 1370 في بعثة دبلوماسية. وربما التقى السير بيرو الأكبر- الذي كان يتحرك في الدائرة السياسية على مدى هذه السنوات- هذين الرجلين الإنجليزيين المهيبين. 

"إحذر كتاب العرائض القضائية وكُتَّاب العدل" هؤلاء، كتب تشوسر في " قصة بارسون"، مذكراً إيانا بأنَّ تلك المهنة لم تكن دائماً بتلك السمعة المزعومة. 

ابن السير بيرو الأكبر- وعلى ما يبدو أنّه ابنه الوحيد" كان رجلاً ذا طابع مختلف جداً. وكان هو أنطونيو جد ليوناردو، والذي سبق أن سمعنا عنه: إنّه هو الذي كان يُرى في لعبة الطاولة في أنشيانو؛ وهو الذي دوَّنّ بدقة مناسبات الولادة والمعمودية في الأسرة. ولد في حوالي 1372 وقد كان تلميذاً لوالده على الأرجح، ولكنه لم يصبح كاتباً للعدل. وعلى حد علمنا فقد اختار أن يقصر مكان إقامته على بلدة فينشي، مستمتعاً بما يجوز تسميته بجو سادة الريف في عصر النهضة الأول. 

وقد كان الأمر فعلاَ كذلك في عهد أنطونيو، ففي سنة 1427، تم فرض أول مسح عقاري في فلورنسا، وهو نظام جديد للضرائب على الأرض تم تطبيقه على جميع ملّاك العقارات في أنحاء الجمهورية. وقد ألزمهم بتقديم بيان بإنتاج أراضيهم السنوي، والذي كانوا يدفعون عليه الضرائب بمعدل 1.5%، وأفراد عائلاتهم، الذين يتلقون  عليهم نثريات تبلغ 200 فلوريناً لكلٍ. وقد أشير ببساطة إلى هؤلاء المكفولين الخاضعين للخصومات الضرائبية على أنهم بوتشي أو أفواه.  وقد تم الآن تصنيف الضرائب المفروضة بمقتضى المسح العقاري ضمن مجموعة من الحزم المهمة في سجل الدولة بفلورنسا، والتي تعتبر بمثابة سجلّ الإحصاء الكبير الإنجليزي لإقليم التوسكان في القرن الرابع عشر، حيث تسبح في صفحاتها عائلة دافنشي – والآلاف غيرهم، ممن هم أغنى أو أفقر- باتجاه بؤرة تأريخية أكثر وضوحاً.  وبالتالي بالتزامن مع أول مسح عقاري لعام 1427، عندما كان أنطونيو في أواسط العقد الخمسين من عمره، نجده قد تزوج ولديه طفل رضيع.  وكانت زوجته هي لوشيا، أصغر منه بعشرين عاماً، وهي ابنة كاتب عدلٍ آخر. وكان مسقط رأس أسرتها- تويا دي باكيريتو- على السفح الشرقي لجبل ألبانو على مقربة من بلدة فينشي. وقد كانت عائلتها هي الأخرى تنتج الخزف، وتتخصص في أعمال خزف الميوليك الملون الذي كان له سوق مزدهر. وقد حمل طفل أنطونيو – الرضيع ذو الأربعة عشرة شهراً-  اسم جديه كليهما، أنطونيو. كان هذا والد ليوناردو، المولود في 19 أبريل 1426. وقد حملت لوشيا طفلاً آخر في السنة التالية، هو غوليانو، ولكنه لم يُذكر في إقرارات الضرائب التالية، ولا بد أنّه مات وهو رضيع. وقد عوّضت أسرته هذه الخسارة جزئياً في عام 1932، بميلاد الابنة، فيولانت. 

وفي هذه الأثناء تملّك أنطونيو مزرعة في كوستيريشيا، بالقرب من بلدة فينشي، وبعض من الملكيات الريفية الأصغر : وقد وصل إنتاجها السنوي إلى 50 بوشلاً من القمح، وخمسة بواشل من الدخن، و26 برميلاً من النبيذ، وصفيحتين من الزيت. كما اقتنى أيضاً بضع قطع من الأراضي السكنية في فينشي، منها ما كان مسوّرأ وغير مسوّر. وفي 1427 كانت الأسرة تعيش بالفعل- ليس في إحدى ملكياتها ولكن في "بيت صغير في الريف"، يمتلكه رجل كان يدين لأنطونيو بالمال. وقد كانت هذه التسوية مريحة، حيث يتم سداد الدين عبر تقديم مسكن دون أجرة، وقد كان أنطونيو قادراً على ادعاء أنّه –عملياً- "sanza casa" أي بلا منزل- ولا غرو، فقد امتلأت الإقرارات الضريبية الإيطالية في عهدها الأول بأصوات الأشخاص الذي يحاولون أن يظهروا بمظهر أكثر فقراً مما هم عليه. بعد ست سنوات، وفي المسح العقاري لعام 1433، تم تسجيله وعائلته على أنهم يعيشون في فينشي، في "بيت صغير" ب"حديقة صغيرة" - وهذه التصغيرات تأتي مرة أخرى لفائدة عامل الضرائب. 

 كان أنطونيو شخصاً جذاباً ومهماً، إذ أنّه كان عميد العائلة في معظم سنوات طفولة ليوناردو. وكان رجلاً متعلماً- لدى الحكم عليه من خطه- وقد اختار حياة الملّاك الريفيين على الضغوط والمزايا التي تنطوي عليها المهن الحكومية في فلورنسا. ويبدو أنّه على خلاف معاصره المحامي الفلورنسي بيرناردو مكافيلي، والد المؤلف الشهير، والذي أدار ظهره بالصورة ذاتها إلى سباق الجرذان مؤثراً متع الريف الأكثر هدوءاً. 
وكان بيرناردو رجلاً علمياً: وهنالك شهادة عنه وهو يأخذ نسخة من تأريخ روم لليفي إلى مجلِّد الكتب، ويترك ثلاث قوارير من نبيذ فيرميليان وقارورة من الخل من كرْمه كوديعة.  إنّه يمثّل طبقة معينة من الحياة الفكرية التوسكانية- الرجل الريفي المتعلم المحب للكتب- وربما كان هنالك شيء من هذا في أنطونيو دا فنشي. فخيار هذين الرجلين كان واحداً، هو حب الريف الذي يرتبط بخشونة العيش، أو يخال أنّه كذلك إذ قال نيكولو مكافيلي عن طفولته، بطريقته اللاذعة المعتادة، " لقد تعلمت حياة الكفاف قبل أن أتعلم الاستمتاع".  
ولكان ليوناردو هو الآخر ليقدّر الزهد والبساطة في معيشته، وقد كان هذا التقدير بقية من تنشئته الريفية. 

وها بندول الأسرة يتأرجح مرة أخرى، ويولد ابن أنطونيو البكر، بيرو، الذي أُخذ لعالم "كاتبي العرائض القضائية وكتّاب العدل" بلهفة. وقد كان في حيوية السير بيرو الأصغر استنساخاً لجده الذي يحمل اسمه، وسوف يرقى لمراكز مشابهة في مكانتها في الشؤون المالية الفلورنسية. 
وبحلول 1446 كان قد غادر بلدة فينشي: إذ لم يشتمل سجلّ أنطونيو في تلك السنة اسمه ضمن مكفوليه. فربما كان على الأرجح قد تولى منصب الكتابة العدلية في السنة التالية، وفي السن التقليدية، الحادية والعشرين، ويعود أقدم مستند رسمي في حوزته إلى عام1448. بعد بضع سنوات كان يزاول مهنته في بيستويا، وربما كان يعيش مع أخته، فيولانت، والتي تزوجت واستقرت هناك الآن. كما يظهر أيضاً في بيزا، ولكنه سرعان ما يتبع درباً مطروقاً إلى فلورنسا، ويشرع في إرساء مهنته هناك. وشارته العدلية- تشبه كثيراً العلامة التجارية، وليست مختلفة كثيراً عن أداة الختم- تُرى في أحد العقود بتأريخ نوفمبر 1448. وهو مخطوط باليد، وفيه رسم سحابة بداخلها حرف P اللاتيني، وشىء ما يخرج من السحابة والذي يبدو إلى حدٍ ما مثل السيف وربما كشجرة مرسومة بطريقة عصرية.  ويدخل في العقد آل روشيلاي، إحدى عائلات تجار فلورنسا البارزين، والتي سيكون لليوناردو معها بعض التعاملات لاحقاً. 

وربما يعتبر المرء بيرو دافنشيا نموذجياً- طموحاً، مؤدباَ، ليس طيباً في كل أحواله- ولكنْ ذلك أكثر مدعاة للتأمل. ونزعة حب الريف في تكوين العائلة امتدت حتى فرانسسكو، وهو أصغر ابناء أنطونيو، والمولود في 1436. وكما هو حال أبيه، لم يكن لدى فرانسسكو أية طموحات عدلية: وقد كان أقرب ما لديه إلى عالم التجارة هو زراعة الحرير. ومرة أخرى مثل أبيه، يبدو أنه قد عاش طوال عمره في فينشي، يهتم بمزارع العائلة والكروم. وفي إقراره الضريبي لعام 1498 كتب بكل بساطة، " أنا في الريف دون فرصة في الوظيفة."  وكان فرانسسكو في الخامسة عشرة من عمره عندما ولد ليوناردو: عمٌ صغير جداً، وشخصية مهمة في بداية نمو ليوناردو. لقد تم تدوين ذلك في أول نسخة من حيوات فازاري في وصف خاطيء لسير بيرو دا فينشي كعمٍ لليوناردو. وإنّه لمن الممكن أن يعكس هذا الخطأ الغريب (والذي تصحيحه على النحو الواجب في الطبعات اللاحقة) بعض المقولات الغامضة إلى حدٍ ما حول كون ليوناردو أقرب إلى عمه منه إلى أبيه . وربما يكون من الصحيح جداً أنَّ بيرو كان أباً غائباً ومشغولاً ولا يتسم بالاهتمام الشديد. وأنّه من الصحيح بلا شك أنّه لم يترك أي شيء لليوناردو في وصيته: وقتها كان له الكثير من الأبناء الشرعيين، ولكن ألا يترك له شيئاً لم يكن بالأمر الهيّن بالتأكيد. أما العم فرانسسكو فقد مات – على النقيض- دون أن تكون له أية ذرية، وترك كل أملاكه لليوناردو- وهو إرث كان لأبناء بيرو الشرعيين عليه نزاع مرير.  

كانت هذه هي العائلة التي ولد فيها ليوناردو، خليط من الأفراد المعقدين إلى حد ما، والذين كانت مراوغاتهم في الغالب ليست من النوع الذي يمكن التخلص منه، ولكنها أيضاً تعبر عن نفسها في شكل أكثر نظامية من تلك الجوانب المزدوجة للهوية الاجتماعية في عصر النهضة-المدينة والقرية، والحضري والرعوي، والفاعل والتأملي- هذه الصفات النسبية تناولها الكثير من الكُتَّاب، وبالفعل الرسامون في ذلك الوقت، كما كانوا يفعلون على الأقل منذ عهد الشاعر الروماني هوراس. إنّه لمن السهل ملاحظة انعكاس هذه الجوانب المزدوجة في حياة وعمل ليوناردو. فقد عاش معظم حياته بعد البلوغ في المدن، جزئياً فقط خارج الضرورة المهنية، بيد أنَّ هذا الحب الكامن للريف، وأشكاله وأجوائه، يتجلى من خلال جميع رسوماته وكتاباته.  

وجينات دافنشي قابلة للتخطيط إلى حد ما. فنحن نتصور الخطوط العريضة لإرث أسرة ليوناردو، ونحن نلتقط شيئاً من البيئة الاجتماعية، والثقافية والمالية، والطبيعية بل حتى السيكولوجيا التي ولد فيها. ولكن هذا - بالطبع- لا يزيد عن نصف قصته الجينية. ومن الجانب الآخر- لأمه وأسلافها-  فنحن لا نعرف شيئاً تقريباً. وفي قصة سنوات تشكيل شخصية ليوناردو لم تكن أمّه سوى منطقة للظل المعتم، بيد أنّه وكما هو الحال مع لوحاته، يجد المرء عينه تنجذب تجاه تلك المناطق الشهية من العتمة، كما لو أنَّ لديها سرَّاً ما لتكشف عنه. 

-----------------------------
 ليوناردو دافنشي: رحلات العقلتأليف: تشارلز نيكول
ترجمة: أميمة حسن قاسم
محاولة استعادة شيء من ليوناردو الإنسان هي مهمة هذا الكتاب- ذلك هو، ليوناردو الإنسان الحقيقي، الذي عاش في وقت حقيقي، وأكل أطباقاً حقيقية من الحساء، مقابل ليوناردو الرجل الخارق، متعدد التخصصات.
بتكليف ورعاية من الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي، وبدافع من حب المعرفة والسعي لنشرها  قامت القرية الإلكترونية بتوفير هذه النسخة من كتاب ليوناردو دافنشي: رحلات العقل | تأليف: تشارلز نيكول | ترجمة: أميمة حسن قاسم
وسوف نقوم بنشرها على حلقات تباعاً هنا في جوجل بلس نأمل أن تحوز إعجابكم وأن تكون مساهمة في #نشر_المعرفة
صفحتنا الرسمية في فيس بوك :
منصتنا في جوجل بلس لمتابعة باقي مشروعاتنا 
(جميع الحقوق محفوظة)

No comments:

Post a Comment