رحلة في البادية 1914 لـ إسكندر الحايك ضمن مشروعنا #أدب_الرحلة نعيد نشرها بتكليف ورعاية كريمة من الشاعر
الإماراتي #محمد_أحمد_السويدي
رحلة لرجلين على ظهر الخيل استمرت مائة وثلاثين يوماً تضمنت كثيراً من المخاطر والغرائب قام بها إسكندر يوسف الحايك بطلب من باسيل كورباه أحد رجال الحكم القيصري الروسي الذي جاء المشرق ليجوب البادية الآهلة بالقبائل العربية لغاية سياسية. بدأت الرحلة من القاهرة إلى بيروت ثم دمشق فدير الزور ونينوى والموصل وديار بكر وبغداد وشبه الجزيرة العربية.
عن نينوى والموصل
تقع الموصل على ضفة دجلة الغربية وهي مركز الولاية المعروفة باسمها. أكثر سكانها من المسلمين وأقليتهم من طوائف مختلفة. فيها ينابيع بترول كثيرة عزت شاناً في عهد الخلفاء فكادت تضمن استقلالها. استولى عليها بنو حمدان سنة 934 ثم أخذها منهم العقيليون السواريون سنة 990. ثم سقطت في أيدي السلجوقيين في القرن الحادي عشر ومر عليها عصر الاتابك زنكي وازدهرت في القرن الثاني عشر لكنها لم تقو على مقاومة صلاح الدين الذي دوخها سنة 1182 أسوة بغيرها من المدائن السورية والعراقية وبعد صلاح الدين تملك عليها الأتراك ثم استولى عليها الأعاجم سنة 1623 واسترجعها بعد قليل السلطان مراد الرابع واستأنف الأعاجم كرتهم عليها سنة 1743 ولكنهم فشلوا وعادوا خاسرين فظلت تحت سلطة الأتراك حتى نهاية الحرب الكونية وقد استقلت اليوم وعينت جمعية الأمم الدولة الإنكليزية منتدبة عليها.
ونينوى لفظة آشورية وقد دعاها اليونانيون نينوس والعرب يسمونها نينوى حسب أصلها. وكانت فيما عبر لعظم المدائن الاشورية ومطلع مجدها وعظمتها يعود إلى عهد سنحاريب. ويستدل من الكتابات التي عثروا عليها أن المدينة بنيت على أنقاض مدينة سابقة فنظمها سنحاريب مجدداً بناءها وبناء أسوارها فأصبحت في أيامه عاصمة مملكة آشور وظلت نينوى على ازدهارها وعظمتها إلى أن اضمحلت مملكة آشور بين سنة 626 وسنة قبل المسيح. وجاء في التوراة في سفر يونان أن مساحة نينوى تبلغ أياماً ثلاثة . ويظهر أن الكتاب الكريم يعني المدينة وضواحيها الواقعة بين دجلة والزاب بما فيها قلعة النمرود وخورسباد. وفي نينوى إلى اليوم بناء من عهد القرن الثاني عشر وهو البناء الذي نزل فيه ابن جبير حين استولى على المدينة. أما دائرة السور فهي على التقريب اثنا عشر ميلا وعلوه يبلغ أربعين قدماً ونصف القدم واهم ما بني هنالك من الآثار قلعتان قائمتنا على دجلة قلعة قبيلة وتعرف الآن بتل النبي يونس وقلعة تدعى تل قوينجق وتتصل هذه الأخيرة بقصور الملكين سنحاريب وآشور بانيبال، وفي داخل قصر آشور بانيبال اكتشف السر هنري لايارد سنة 1840 مكتبة نينوى الملكية وكان قد أنشأها سرجون في القرن السابع قبل المسيح. وتتصل اليوم قلعة النبي يونس بقرية تركمان وفيها قصر سنحاريب، ويقال أن النبي يونان مدفون هنالك تحت الجامع المشيد في تلك البناية، ولهذا سمي بالنبي يونس، وفي هذا الجامع سجاد فاخر وقد حفظ من عهد تدشين الكنيسة التي تحولت إلى جامع. تفقدنا الآثار المذكورة أعلاه وغيرها من الآثار التي تستحق الذكر وعدنا إلى خيامنا نتناول طعام الظهر وحوالي الساعة الرابعة مساء جاءنا ترجمان قنصلية روسيا يزورنا ويتفقد أحوالنا وكان حينئذ وكيلا للقنصلية، وقد دعانا للإقامة في الدار القنصلية قائلا إنها فارغة لأن القنصل كان قد نقل إلى بغداد وكان لا ينتظر مجيء خليفته قبل مرور شهرين على الاقل، فقبلنا دعوته شاكرين. أما نهر دجلة فإنه يختلف تكويناً عن سائر الأنهر الكبيرة. فإنه من ينبوعه إلى مصبه يرتفع عن الأراضي التي يمر بها بنوع أن رجلا بيده مجرفة يستطيع أن يحول منه ما شاء من مياهه ويسقي بها الأراضي التي يريد أن يسقيها فلا يحتاج والحالة هذه إلى استخدام الآلات المحركة… ومياه دجلة عاطلة جداً فلا تصلح للشرب والويل لغريب ذاقها لأول مرة. أما سكان تلك البلاد قد تعودوا شربها منذ الصغر فهي لا تؤذيهم ومع ذلك فإنهم يروقونها ويصفونها في آنية فخارية، وفي الموصل وكلاء قناصل لسائر الدول الأجنبية الكبرى التي لها مصالحها في البلاد الشرقية والمزروعات هنالك قسمان. الأول وهو الأكبر يزرع تحت مناظرة الاكليروس المسيحي فلا يدع رجاله شبراً واحداً من الأراضي بدون زراعة. والقسم الثاني –وهو قليل جداً– في حوزة الفلاحين من اليهود والمسيحيين. أما الأهالي أصحاب الأملاك الواسعة فإنهم لا يكترثون بالزراعة لأنهم ينصرفون إلى أشغال غيرها. وأكثر زراعة تلك البلاد الحنطة. ويزرعون الأرز في أراض قليلة، وهو كبير الحجم ذهبي اللون رخيص الثمن يساوي الرطل الموصلي أي ثلاث اقات ثلاثة غروش تركية. والخضرة والبقول قليلة جداً رغم السهول الخصبة ووفرة المياه. ذلك ناجم عن كسل الأهالي وعدم ميلهم إلى الزراعة فإنهم يفضلون أكل اللحوم على أكل الخضر والبقول. وفي أيام الخضر يكون الحر شديداً جداً في تلك المنطقة فيعيش الأهالي آنذاك في السراديب. والسرداب هناك كناية عن بئر في وسط البيت وقلما خلا بيت منه. ينزلون إليه من سلم. يتراوح عمقه بين المترين والأربعة وشكله شكل غرفة مربعة. وفي هذه السراديب يقضي الأهالي نهارهم من الساعة العاشرة صباحاً إلى الرابعة مساء. وإذا زارهم زائر في ذاك الوقت استقبلوه في السرداب وهو مفروش بالرياش الفاخر. ومناخ الموصل معتدل لا يمكن تسميته جيداً أو رديئاً. ويرد إلى تلك المدينة كثير من الخيول العربية المتنوعة التي تبيعها القبائل بأسعار تافهة. ويخبزون الخبز على التنور (مرقوق) الرطل الموصلي منه يباع أي نصف غرش تركي وهو ابيض نظيف من حنطة خالصة وطعم لذيذ جداً.
ونينوى لفظة آشورية وقد دعاها اليونانيون نينوس والعرب يسمونها نينوى حسب أصلها. وكانت فيما عبر لعظم المدائن الاشورية ومطلع مجدها وعظمتها يعود إلى عهد سنحاريب. ويستدل من الكتابات التي عثروا عليها أن المدينة بنيت على أنقاض مدينة سابقة فنظمها سنحاريب مجدداً بناءها وبناء أسوارها فأصبحت في أيامه عاصمة مملكة آشور وظلت نينوى على ازدهارها وعظمتها إلى أن اضمحلت مملكة آشور بين سنة 626 وسنة قبل المسيح. وجاء في التوراة في سفر يونان أن مساحة نينوى تبلغ أياماً ثلاثة . ويظهر أن الكتاب الكريم يعني المدينة وضواحيها الواقعة بين دجلة والزاب بما فيها قلعة النمرود وخورسباد. وفي نينوى إلى اليوم بناء من عهد القرن الثاني عشر وهو البناء الذي نزل فيه ابن جبير حين استولى على المدينة. أما دائرة السور فهي على التقريب اثنا عشر ميلا وعلوه يبلغ أربعين قدماً ونصف القدم واهم ما بني هنالك من الآثار قلعتان قائمتنا على دجلة قلعة قبيلة وتعرف الآن بتل النبي يونس وقلعة تدعى تل قوينجق وتتصل هذه الأخيرة بقصور الملكين سنحاريب وآشور بانيبال، وفي داخل قصر آشور بانيبال اكتشف السر هنري لايارد سنة 1840 مكتبة نينوى الملكية وكان قد أنشأها سرجون في القرن السابع قبل المسيح. وتتصل اليوم قلعة النبي يونس بقرية تركمان وفيها قصر سنحاريب، ويقال أن النبي يونان مدفون هنالك تحت الجامع المشيد في تلك البناية، ولهذا سمي بالنبي يونس، وفي هذا الجامع سجاد فاخر وقد حفظ من عهد تدشين الكنيسة التي تحولت إلى جامع. تفقدنا الآثار المذكورة أعلاه وغيرها من الآثار التي تستحق الذكر وعدنا إلى خيامنا نتناول طعام الظهر وحوالي الساعة الرابعة مساء جاءنا ترجمان قنصلية روسيا يزورنا ويتفقد أحوالنا وكان حينئذ وكيلا للقنصلية، وقد دعانا للإقامة في الدار القنصلية قائلا إنها فارغة لأن القنصل كان قد نقل إلى بغداد وكان لا ينتظر مجيء خليفته قبل مرور شهرين على الاقل، فقبلنا دعوته شاكرين. أما نهر دجلة فإنه يختلف تكويناً عن سائر الأنهر الكبيرة. فإنه من ينبوعه إلى مصبه يرتفع عن الأراضي التي يمر بها بنوع أن رجلا بيده مجرفة يستطيع أن يحول منه ما شاء من مياهه ويسقي بها الأراضي التي يريد أن يسقيها فلا يحتاج والحالة هذه إلى استخدام الآلات المحركة… ومياه دجلة عاطلة جداً فلا تصلح للشرب والويل لغريب ذاقها لأول مرة. أما سكان تلك البلاد قد تعودوا شربها منذ الصغر فهي لا تؤذيهم ومع ذلك فإنهم يروقونها ويصفونها في آنية فخارية، وفي الموصل وكلاء قناصل لسائر الدول الأجنبية الكبرى التي لها مصالحها في البلاد الشرقية والمزروعات هنالك قسمان. الأول وهو الأكبر يزرع تحت مناظرة الاكليروس المسيحي فلا يدع رجاله شبراً واحداً من الأراضي بدون زراعة. والقسم الثاني –وهو قليل جداً– في حوزة الفلاحين من اليهود والمسيحيين. أما الأهالي أصحاب الأملاك الواسعة فإنهم لا يكترثون بالزراعة لأنهم ينصرفون إلى أشغال غيرها. وأكثر زراعة تلك البلاد الحنطة. ويزرعون الأرز في أراض قليلة، وهو كبير الحجم ذهبي اللون رخيص الثمن يساوي الرطل الموصلي أي ثلاث اقات ثلاثة غروش تركية. والخضرة والبقول قليلة جداً رغم السهول الخصبة ووفرة المياه. ذلك ناجم عن كسل الأهالي وعدم ميلهم إلى الزراعة فإنهم يفضلون أكل اللحوم على أكل الخضر والبقول. وفي أيام الخضر يكون الحر شديداً جداً في تلك المنطقة فيعيش الأهالي آنذاك في السراديب. والسرداب هناك كناية عن بئر في وسط البيت وقلما خلا بيت منه. ينزلون إليه من سلم. يتراوح عمقه بين المترين والأربعة وشكله شكل غرفة مربعة. وفي هذه السراديب يقضي الأهالي نهارهم من الساعة العاشرة صباحاً إلى الرابعة مساء. وإذا زارهم زائر في ذاك الوقت استقبلوه في السرداب وهو مفروش بالرياش الفاخر. ومناخ الموصل معتدل لا يمكن تسميته جيداً أو رديئاً. ويرد إلى تلك المدينة كثير من الخيول العربية المتنوعة التي تبيعها القبائل بأسعار تافهة. ويخبزون الخبز على التنور (مرقوق) الرطل الموصلي منه يباع أي نصف غرش تركي وهو ابيض نظيف من حنطة خالصة وطعم لذيذ جداً.
No comments:
Post a Comment