Monday, June 26, 2017

من كنوزنا التراثية «صلاةً خفيفةً»


من كنوزنا التراثية «صلاةً خفيفةً»
ندعوكم لقراءة هذه الحكاية من كتاب أخبار أبي تمام للصولي، تأتيكم ضمن زاوية متجددة يختارها الشاعر محمد السويدي لعشاق الكتب والمعرفة نروي لكم فيها حكاية وقصة من مكتبتنا #الوراقwww.alwaraq.net
مما جاء في كتاب أخبار أبي تمام للصولي، قال:
سمعت الحسن بن الحسن بن رجاء يحدث أبا سعيد الحسن بن الحسين الأزدي، أن أباه رأى أبا تمام يوماً يصلي صلاةً خفيفةً، فقال له: أتم يا أبا تمام. فلما انصرف من صلاته قال له: قصر المال، وطول الأمل، ونقصان الجدة، وزيادة الهمة، يمنع من إتمام الصلاة، لا سيما ونحن سفر، فكان أبي يقول: وددت أنه يعاني فروضه كما يعاني شعره، وأني مغرم ما يثقل غرمه؟.
وقد ادعى قوم عليه الكفر بل حققوه، وجعلوا ذلك سبباً للطعن على شعره، وتقبيح حسنه، وما ظننت أن كفراً ينقص من شعرٍ، ولا أن إيماناً يزيد فيه. وكيف يحقق هذا على مثله، حتى يسمع الناس لعنه له، من لم يشاهده ولم يسمع منه، ولا سمع قول من يوثق به فيه؟ وهذا خلاف ما أمر الله عز وجل، ورسوله عليه السلام به، ومخالف لما عليه جملة المسلمين. لأن الناس على ظاهرهم حتى يأتوا بما يوجب الكفر عليهم بفعلٍ أو قولٍ، فيرى ذلك أو يسمع منهم، أو يقوم به بينة عليهم.
واحتجوا برواية أحمد بن أبي طاهر، وقد حدثني بها عنه جماعة أنه قال: دخلت على أبي تمام وهو يعمل شعراً، وبين يديه شعر أبي نواس ومسلمٍ، فقلت: ما هذا؟ قال: اللات والعزى، وأنا أعبدهما من دون الله مذ ثلاثون سنةً.
وهذا إذا كان حقاً فهو قبيح الظاهر، ردئ اللفظ والمعنى، لأنه كلام ماجنٍ مشعوفٍ بالشعر. والمعنى أنهما قد شغلاني عن عبادة الله عز وجل، وإلا فمن المحال أن يكون عبد اثنين لعله عند نفسه أكبر منهما، أو مثلهما، أو قريب منهما. على أنه ما ينبغي لجادٍ ولا مازحٍ أن يلفظ بلسانه، ولا يعتقد بقلبه، ما يغضب الله عز وجل، ويتاب من مثله؛ فكيف يصح الكفر عند هؤلاء على رجلٍ، شعره كله يشهد بضد ما اتهموه به، حتى يلعنوه في المجالس? ولو كان على حال الديانة لأغروا من الشعراء بلعن من هو صحيح الكفر، واضح الأمر، ممن قتله الخلفاء -صلوات الله عليهم- بإقرارٍ وبينةٍ، وما نقصت بذلك رتب أشعارهم، ولا ذهبت جودتها، وإنما نقصوا هم في أنفسهم، وشقوا بكفرهم.
وكذلك ما ضر هؤلاء الأربعة، الذين أجمع العلماء على أنهم أشعر الناس: امرأ القيس والنابغة الذبياني وزهيراً والأعشى، كفرهم في شعرهم، وإنما ضرهم في أنفسهم. ولا رأينا جريراً والفرزدق يتقدمان الأخطل عند من يقدمهما عليه بإيمانهما وكفره، وإنما تقدمهما بالشعر. وقد قدم الأخطل عليهما خلق من العلماء، وهؤلاء الثلاثة طبقة واحدة، وللناس في تقديمهم آراء.
___________________
*لمحبي الإطلاع والمناقشة يمكنكم اقتناء كنوز مكتبتنا الوراق من خلال تحميل تطبيقا (الوارق) مجاناً على هواتفكم النقالة والأجهزة اللوحية أيفون وآيباد. من خلال: http://alwaraq.electronicvillage.org/
كما يمكن لمتصفحي الانترنت الوصول إلى مكتبة الوراق الكاملة عبر موقعنا http://www.alwaraq.net

No comments:

Post a Comment