Saturday, August 20, 2016

«النضيرة» وشجرة «الغار» في الكنجستون



«النضيرة» وشجرة «الغار» في الكنجستون
قلتُ لوالدي ونحنُ نَسيرُ في نهارٍ أَنيقٍ في «الكنسيجتون»: لقد قام الملك "وليم" الثالث والملكة "ميري" الثانية ببناء حديقة «كنسنجتون» عام 1690، وفي الثلاثينات من القرن الثامن عشر تم بناء البحيرة المستديرة، وشيّد صرح «ألبرت» الضخم الذي يقابل قاعة «ألبرت» عام 1863.
مررنا على «مارلبورو جيت»، فقلتُ لصاحبي: لعله من هنا تسلل الكاتب «جي إم باري» ليلاً ليدُسَ تحفته الرائعة تمثال «البيتر بان» ليسعد به أطفال "لندن" والعالم، امتناناً على جعل روايته من أعلى الكتب مبيعاً.
ثم دخلنا جنينة «الفورسثيا» للوقوف على الشجرة التي تكلل بها الرؤوس ساعة الانتصار.
إنها شجرة «الغار» الدائمة الخضرة (1)، قال «المسعودي» في «مروج الذهب»: لما نزل «سابور» على حصن «الضّيْزَنْ»، تحصن الضيزن في الحصن، فأقام «سابور» عليه شهراً لا يجد سبيلاً إلى فتحه، ولا يتأتى له حيلة في دخوله، فنظرت «النضيرة بنت الضيزن» يوماً وقد أشرفت من الحصن إلى «سابور» فهويته وأعجبها جماله، وكان من أجمل الناس وأمدهم قامة، فأرسلت إليه: إن أنت ضمنت لي أن تتزوجني، وتفضلني على نسائك؛ دللتك على فتح هذا الحصن، فضمن لها ذلك، فأرسلت إليه: ائت الثرثار- وهو نهر في أعلى الحصن- فانثر فيه تبناً ثم اتبعه... فانظر أين يدخل، فأدخل الرجال منه، فإن ذلك المكان يفضي إلى الحصن.. ففعل «سابور» بما أشارت، فلم يشعر أهل الحصن إلا وأصحاب «سابور» معهم في الحصن، وقد عمدت «النضيرة» فسقت أباها الخمر حتى أسكرته طمعاً في الزواج بسابور، وأمر «سابور» بهدم الحصن بعد أن قتل «الضيزن» ومن معه، وعرس سابور بالنضيرة بنت الضيزن فباتت مسهدة، فقال لها «سابور»: ما لك لا تنامين؟ .. قالت: إنّ جنبي يتجافى عن فراشك.. قال: ولم؟ .. فوالله ما نامت الملوك على ألين منه وأوطأ، إن حشوه لزغب النعام!!!.
فلما أصبح «سابور» نظر فإذا ورقة غار بين عُكْنِها (2)، فتناولها فكاد بطنها أن يدمى، فقال لها: ويحك!! بم كان أبواك يغذيانك؟ .. فقالت: بالزُبْدِ والمِلح والثَلْج والشَّهْد وصفْوِ الخَمر. فقال لها «سابور»: إنّي لجدير أن لا أستبقيك بعد إهلاكك أبويك وقومك، وكانت حالتك عندهم الحالة التي تصفين. فأمَر بها فرُبطت بِغدائرها (3) إلى فرسين جموحين، ثم أمر بِهما فخُلّى سَبِيلهما، فقَطّعَاها...
على مقربة من شجرة «الغار» وقفت شجرة «مشملة»، (مدلر)، تلك التي ذم «شكسبير» ثمارها في مسرحية «على هواك» قائلاً: "ستتفسخ قبلَ أنْ تنضج" -قالتها «روزالينا» للمهرج-. وبجانب «المشملة» (4) وقفت شجرة «جَنكة» (5) فارعة الطول ذات أوراق تحاكي المراوح.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الغار: شجر عطري من الفصيلة اللورية، كبيرٌ معمر، نبيل، زينت أغصانه هامات القياصرة والأبطال، وهو من الأشجار دائمة الخضر واسمها العلمي Laurus nobilis" "
(2) العُكْنة: الطي الذي في البطن من السمن والنعيم، والجمع عُكْنٌ و أعْكَان، "ما انطوى وتثنى من لحم البطن سمناً".
(3) الغَدِيرَةُ : الذّؤَابَةُ المَضْفُورَةُ من شعر المرأة والجمع : غدائر، والغَديرتان : الذُّؤابتان من الشَّعْر اللَّتان تَسقُطان على الصَّدر.
(4) المشملة: شجر دائم الخضرة يتبع الفصيلة الوردية من رتبة الورديات، تعطي الشجرة ثمار صغيرة بيضاوية الشكل صفراء اللون وتعرف بالبشملة أو المشمش الهندي أو أسكي دنيا.
(5) الجنكة: يسميها البعض شجرة المعبد وهي من أقدم الأشجار على وجه الأرض، يبلغ طول هذه الشجرة من 30 إلى 40 متراً، تقاوم الظروف مهما حصل من حولها وتسمى شجرة الحياة فقد استطاعت البقاء في هيروشيما بعد القنبلة الذرية.
 

No comments:

Post a Comment