Thursday, May 5, 2016

إبّشروا بالخير لي جيتوا وديمه



كانت البيوتات التي تستقبل العفاة عند دخولهم إلى أبوظبي، إمّا للشيوخ، أو للعتيبات، أو بيت الشيخ حامد بن بطي.
قال الوالد -ولم يكن مهَدي المغربي من المناصير - ولكنّه كان مسافرا في ركبهم حين أقبلوا قاصدين بيت الشيخة وديمة بنت بطي خالة الشيخ زايد بن سلطان وزوجة بطي بن محمد بن خلفون، عندما حثّهم الشاعر على ضرب كرام الإبل؛ لتحملهم إلى الشيخة (وديمه) وعلى ألاّ يمكثوا للمقيل في المقطع دون طائل، قال:
إضربوها بالعصا لو هي كريمة ما لها مقيلن ورا المقطع حسايف
شيب عيني يوم دبّر في الستيمه والبحر من دونها سوّى حضايب
هاف قلبي مثل عيدان الهشيمه ان سرى وان هبّ نسناس الهبايب
قال سعيد معقّباً: العيدان من عود، والعود يبلى ويتهشّم من شدّة حرارة الشمس، وكانت لــ (وديمة) خادمة تسمّى (حليمة)، أصابتها عدوى كرم سيّدتها، وإيّاها يعني المهدي:
والله يا سفّن بتاتيبه حليمه عند هلنا ما لقينا له وصايف
قال الوالد: كانت وديمه كريمة أكرم من الذاريات، ولم يكن لديها ما
تدّخره، فكانت إذا ألمّ بها الضيوف ترهن بعض مالها من صوغ؛ لقاء مال تكرم به وفادتهم، فقال العم سعيد:
(أبشروا بالخير لي ييتوا وديمه) ، وأضاف أنّ زوجها بطي بن عمير كريم -كذلك- كرم الذاريات والكرم كالمرض المعدي.
قال الوالد: ولقد حفظ المناصير لوديمه صنيعها، فسمّوا عليها وديمة بنت حمد المنصوري، فجاءت كريمة أكرم من الذاريات، ولقد زرنا ابنها محمد بن علي بن عفصان مهنئين بعيد الأضحى - يوم أمس- وهو صديقٌ مقرّب من الشيخ خليفة بن زايد، وقمنا بمهاتفتها بمناسبة هذه الزيارة، وتهنئتها بعيد الأضحى المبارك.
ثمّ سأل الشيخ هزّاع بن خليفة بن سعيد بن شخبوط، الوالد، إن كان جدّه شخبوط قد تعلّم في الصغر أو لمّا كبر؟ ، فردّ الوالد على الفور، بأن جدّه الشيخ شخبوط كان يتلّقى الدروس على يد معلّم اسمه (بالخياز)، وكان من المنتظمين معه في الدراسة الوالد خليفة بن أحمد، وجامع، الذي
كان على استعداد لمصارعة أيّ من زملائه، ولو من الشيوخ أنفسهم.
وكنت قد سألتُ العم سعيد عن الأغنية التي كان يغنّيها للشيخ هزّاع بن سلطان - رحمه الله - عندما استيقظت وديمه، وخادمتها حليمة، والشاعر مهدي وقصيدته:
هل لكم في الخير يا سيرة وديمه في السفن ولاّ على ظهور الركايب
قال الوالد: اسمها موزه الهادومه، معلمة العم سعيد بن أحمد، وكانوا يأخذون دروساً، قرب سدرة عامرةٍ مغرية الثمر، ما أن تمتد أصابعهم إلى نبقها (نبجها) حتّى يأتيهم صوت (أم عتيق نيلى) مزلزلاً مرعداً محذراً، من لمس الثمر والسدرة. - قال الوالد - باقية إلى اليوم في مدينة العين، ومحاطةٌ بسياج يحميها.
قال العمّ سعيد: طلب منّي الشيخ هزّاع يوماً أن أكتب له رسالة وكنت كما قال الشاعر:
إذا القوم قالوا من فتى خلت أنّني عنيت فلم أكسل ولم أتبلّد
فصرتُ أكتب، وهو يملي، إلى أن فرغ فلمّا انتهيت من الكتابة هالني كيف انتهت سطورها الغير منتظمة، فأنا لم أعتد أن أكتب في صفحة بلا سطور، فكانت كتابتي تأخذ شكل سطور دائريّة يبدأ السطر مستقيماً وينتهي في أعلى الصفحة، ولكنّي تمكّنت من وضع الرسالة في الظرف وأحكمت إغلاقها على عجل قبل .. أن يتمكّن هزّاع من رؤيتها.


No comments:

Post a Comment