أنا في "جنوه"، على ساحلها اللازوردي، أبحثُ عن ذهبية جدّف فيها اثنا عشر
ملاحاً، رَسَتْ هُنا قبل ثلاثة قرون، وأتطلّع لتناولِ فنجان قهوة مع الليدي
"ماري وورتلي مونتاجو" ألمع الإنجليزيات في جِيلها.
أُغرم بها الشاعر "الكسندر بوب" وخاطبها قائلاً:
إجعلي الرجال يتلقون
على يد حواء ثانية ذكية
معرفة الخير والشر.
ولكن إذا كانت حواء الأولى
قد نالت عقاباً صارماً
لأنها لم تقطف غير تفاحة واحدة،
فأي عقاب جديد
يقضي به عليك،
يا من سرقت الشجرة كلها بعد أن تذوّقت حلاوتها.
إجعلي الرجال يتلقون
على يد حواء ثانية ذكية
معرفة الخير والشر.
ولكن إذا كانت حواء الأولى
قد نالت عقاباً صارماً
لأنها لم تقطف غير تفاحة واحدة،
فأي عقاب جديد
يقضي به عليك،
يا من سرقت الشجرة كلها بعد أن تذوّقت حلاوتها.
كم أوجعت "ماري" بسهامها عشّاق زمانها، وانتهت هنا في "جنوه" محطمةً
كزورقٍ عتيقٍ بعد حُب غير متكافئ مع نيزك إيطالي اخترق فلكها وغير مساره.
كان في الرابعة والعشرين، وكانت في السابعة والأربعين عندما كتبت إليه:
"لم أعد أعرف بأيّ طريقةٍ أكتبُ إليك.. فمشاعري أقوى ممّا ينبغي، وليس في
طاقتي أن أفسرها ولا أن أخفيها. فلِكَي تغتفر لي رسائلي يحب أن تجيش في
صدرك حماسة كحماستي. وإنّني لأرى كل ما في هذا من حماقة دون أيّ أملٍ في
إصلاح نفسي، فمجرد فكرة مشاهدتك تمنحني نشوة تتخطّفني، فماذا جرى لتلك
اللامبالاة التي صنعت مجد أيامي الماضية وهدوءها؟ لقد فقدتها إلى الأبد،
ولو أنّ هذا الغرام المشبوب شفى لما رأيت أمامي غير الملل القاتل. فاغفر
هذا الشطط الذي كنت السبب فيه، وتعال لتراني".
كان "فرانتشسكو" الجاروتي هذا جميلاً، ذكياً، شاباً. وكانت ترتعد حين يخطر لها في 1736م أنها في هذه السن.
وفي رسالة أخرى كتبت تقول:
"ما أجبن الإنسان حين يحب" أخشى أن أسيء إليك بإرسالي هذا الخطاب حتى ولو
كان قصدي أن أسُرُّك. والحق أنّني مجنونة في كل أمر يتصل بك، حتى أنّني
لست واثقة من خواطري .. كل ما هو مؤكدٌ أنّني سأحبك ما حييت، برغم نزوتك
وتعقلي.
ولم يرد "فرانتشسكو" على هذه الرسالة، ولا على ثانية، ولا ثالثة، رغم تهديدها بالانتحار.
كنتُ أسيرُ على ضفاف ميناء في "جنوه" وأُحدّثُ صاحبي قائلاً: في إيطاليا إمّا أنْ تحيا أو أنْ تموت عشقاً.
No comments:
Post a Comment