ليوناردو دافنشي: رحلات العقل
3-الإخوة يختصمون
ما أتى بليوناردو إلى فلورنسا كان هو وفاة عمه فرانسسكو في مطلع عام 1507، أو بشكل أدق قضية وصية العم فرانسسكو. فكما رأينا، لقد سُحبت الوصية في 1504 عقب وفاة سير بيرو بوقت قصير. وورد فيها ليوناردو باعتباره وريثاً وحيداً، وفي الغالب جاء هذا رداً على استبعاده من وصية والده. لقد كان ثمة تقارب بين ليوناردو وفرانسسكو على الدوام، فهو عمه من أيام الطفولة الشاب البسيط الذي كان يسكن الريف. ولكن توريثه جاء مخالفاً لاتفاق أسبق بأن تؤول ممتلكات فرانسسكو إلى أبناء سير بيرو الشرعيين، والذين تحركوا بسرعة لرفض الوصية، بقيادة سير جوليانو دا فينشي الذي لابد أنّه كاتب العدل من الجيل الجديد. ولقد علم ليوناردو بهذا على الأرجح في شهر يونيو عام 1507، لأنّه وفي الخامس من يوليو كتب واحد من تلاميذه، لورينزو في الغالب، خطاباً إلى والدته يخبرها فيه بأنّه سوف يعود قريباً إلى فلورنسا، مع المعلم، ولكنه لن يظل طويلاً هناك لأنّ عليهما العودة إلى ميلانو فوراً [subito]. ويسأل في هذه الأثناء، " اذكريني لدى ديانيرا، وعانقيها لأجلي حتى لا تظن أنني نسيتها"- وننظر للحظة إلى حياة تلمذة ليوناردو: " رجل شاب بعيد جداً عن وطنه."
في الواقع لم يغادر ليوناردو مدينة ميلانو حتى منتصف شهر يوليو على الأقل. وقام بتأمين أولى أوراقه الرابحة في يوم 26 يوليو في قضيته ضد الإخوة- خطاب إلى مجلس الشعب، ممهور بإمضاء ملك فرنسا، يطلب فيه منهم التدخل لصالح ليوناردو. في هذا الخطاب خوطب ليوناردو بعبارة "Nostre peintre et ingeneur ordinaire"- الرسام ومهندس الملك النظامي ("Ordinary" تعني سياسياً منصب رسمي دائم، بخلاف "فوق العادة/مؤقت" [Extraordinary]). وهذا هو أول توثيق لصفته في البلاط الفرنسي. وفي خطاب آخر لمجلس الشعب، هذه المرة من تشارلز دامبواز، مؤرخ في 15 أغسطس، يعلن فيه عودة ليوناردو الوشيكة لفلورنسا "لتسوية بعض الخلافات التي نشأت بينه وبين بعض إخوته"، ويطلب فيه من مجلس الشعب "تعجيل الأمر قدر الإمكان.
حصل ليوناردو على إذن المغادرة "بعد مماطلة كبيرة"، لأنّه كان يعمل على "لوحة عزيزة جداً على الملك". ويعتقد أنّ هذه اللوحة كانت "إحدى اللوحتين للسيدة العذراء بأحجام مختلفة، واحدة لملكنا الأشد إيماناً بالمسيحية والذي ذكره ليوناردو في خطاب له من بدايات عام 1508- يبدو أنّ الأعمال قد ضاعت- بيد أنّه من الجائز فحسب أنّ العبارة تشير إلى لوحة ليدا اللامعة بالقدر ذاته، والتي تم تصنيفها مؤخراً في المجموعة الفرنسية.
كتب ليوناردو خطابا من فلورنسا في يوم 18 سبتمبر إلى الكاردينال إيبوليتو دايست، شقيق إيزابيلا، والذي نستشف من خلاله بعض تفاصيل القضية. لقد نوقشت قضية ليوناردو أمام عضو من مجلس الشعب وهو السير روفايللو هيرونيمو، والذي تم تعيينه خصيصاً من قبل الغونفالونيير سوديريني للنظر في القضية، و"التقرير بشأنها وإنهائها قبل مهرجان جميع القديسين"، والموافق الأول من نوفمبر 1507. وبدا أنّ السير رافائيلو، على معرفة بإيبوليتو دايست- وربما كان واحداً من "عملاء" دايست الكثيرين في فلورنسا. وبما أنّ الخطاب يرجو إيبوليتو "أن يكتب إلى المدعو سير رافائيلو، بذلك الأسلوب البارع والمقنع الذي حبيتم به سيادتكم، مزكياً له ليوناردو دافنشي، خادمكم المخلص جداً، كما كنت وسأظل دائماً، وتطلبون فيه وتضغطون عليه ليس فقط لإنصافي، ولكن أيضاً ليؤدي المهمة دون أي تأخير ما أمكن ذلك".
هذه الوثيقة فريدة من ناحية واحدة: إنّها الخطاب الوحيد المعروف الذي أرسله ليوناردو، فجميع خطاباته الأخرى الناجية عبارة عن مسودات فقط، وبين أوراقه هو، أما هذا فيوجد بشكل واضح وملموس في محفوظات قلعة آل إيست في مودينا. ولسوء الحظ لم يكن النص ولا التوقيع بخط ليوناردو (Leonardus Vincius Pictor). وكما في الوثائق الرسمية الأخرى (على سبيل المثال خطاب التعارف إلى لودوفيكو سفورزا)، لقد أعطاه لشخص ذي خط أجمل- في هذه الواقعة كان الكاتب هو اغسطينو دي فيسبوتشي، مساعد ميكافيللي، والذي كان قد كتب في وقت سابق الوصف الموجز لمعركة الانغياري. واللمسة الوحيدة الحقيقية لليوناردو على الورقة كانت على ظهرها: خاتم الشمع الذي كان يظهر فيه رسم رأس جانبي، ختم على الأرجح بخاتم توقيع في يد ليوناردو.
وتكشف مسوَّدة أخرى العلاقة المتوترة التي كانت بين ليوناردو وإخوته غير الأشقاء، الذين يقال إنّهم " تمنوا الشر كلّه" للفرانسسكو أثناء حياته، وكانت معاملتهم لليوناردو " ليس كأخ ولكن كغريب لا يمت لهم بصلة". وكان الخلاف يتعلق جزئياً بالعقار المسمى إل بوترو والذي أورثه فرانسسكو إياه. يكتب ليوناردو، " أنتم لا تريدون أن تدفعوا للوريث المال الذي أقرضه إياه مقابل إل بوترو"، والشيء الذي يعني ضمناً أنّه أقرض المال لعمه فرانسسكو لشراء أو إصلاح العقار. وهنالك إشارة إلى قيمة ال بوترو "la valuta del botro" في قائمة مذكرات ضمن مخطوطة أرونديل. في كلا الحالين لم تكتب إل بوترو بحروف كبيرة، وبالتالي فيجوز ترجمتها هي الأخرى على أنّها "الخندق" أو "الوادي"- ربما محجر أو حفرة كلس. ويشير ليوناردو إلى تجارب أجريت في هذا المحجر (bucha) في مخطوطة ليشستر، والتي يبدأ كتابتها حوالي هذا الوقت.
وفي هذا الخطاب إلى إيبوليتو دايست، يتحدث ليوناردو عن القضية التي حلت بحلول نوفمبر 1507، ولكنها لم تحل، وفي بداية عام 1508 كتب إلى تشارلز دامبوا، " إنني الآن على وشك الانتهاء من القضية مع إخوتي، وأعتقد أنني سأكون معكم في عيد الفصح القادم." يوافق أحد الفصح في عام 1508 يوم 23 أبريل. ومن المحتمل أنّه عاد إلى ميلانو في ذلك الوقت تقريباً، بيد أنّ حل القضية كان مسألة أخرى، إذ أنّه في خطاب آخر بخصوص الموضوع بخط يد ميلزي، وبالتالي فهو قد كُتب بعد عودة ليوناردو إلى ميلانو.
القديس يوحنا بريشة جيوفاني روستريتشي، في كنيسة المعمدانية بفلورنسا
كان ليوناردو وسالاي (ولورينزو ربما) يقيمون في منزل بيرو دي براكيو مارتيللي، أحد رعاة الفنون والثقافة الأثرياء. ولقد كان عالماً معروفاً في اللغويات والرياضيات، وصديقاً لبيرناردو روشيلاي، وقد كان لأجواء قصر مارتيللي المريحة والهادئة أثرها في تخفيف الانزعاج الذي سببته القضية. يقف المنزل بشموخ في شارع لارجا، وقد ضم لاحقاً إلى كنيسة ودير سان جيوفانينو التي بنيت في 1550. ومن بين الضيوف الذين كانوا مع ليوناردو أو النازلين بالقصر النحات جيوفاني فرانسسكو روستيشي، والذي يبدو أنّه كان معجباً به. كان روستيشي في حوالي الثلاثين من العمر، أي أقل من نصف عمر ليوناردو. ويقدم فازاري شهادة رائعة عنه. ومع كونه نحاتاً موهوباً فقد كان أيضاً " خيميائيًا هاويًاٍ ومحضّرَ أرواح أحياناً" الشيء الذي يجعله شبيهاً بزوراسترو. ومن بين زملائه كان الشاب اندريه ديل سارتو، وهو رسام بارع ذي مسحة ليوناردية قوية، وقد أصبح ديل سارتو فيما بعد معلماً لفازاري، الشيء الذي يشير إلى احتمال أنْ تكون معلومات فازاري عن روستيشي صحيحة. وهو يقول عن مرسم روستيشي إنّه " يشبه كثيراً سفينة نوح...ففيه نسر، وغراب يستطيع الكلام مثل الإنسان، وثعابين ونيص مدرب مثل كلب، ولديه عادة مزعجة هي وخز أرجل الناس تحت الطاولة". لم أستطع أن أدفع صورة ليوناردو وهو يميل بثقة تجاه هذا الغراب- أهو طائر المينة؟- الذي يستطيع الكلام مثل الإنسان". كم كان يرغب في سؤاله.
وبحسب فازاري فإنَّ ثمرة صداقة ليوناردو وروستيشي كانت هي مجموعة منحوتات القديس يوحنا واعظاً في اللاويين والفريسيين، والتي تقف فوق الباب الشمالي للمعمدانية مقابل الكاتدرائية. "كان[روستيشي] يعمل على هذه المجموعة طوال الوقت ولم يسمح لأي شخص أن يقترب منه عدا ليوناردو الذي كان مسموحاً له بالصعود إلى منصة الصب." كان الشخص على جانب اليد اليسرى يشبه إلى حد كبير العجوز المتأمل في لوحة التبجيل، وهو القديس يوحنا بيد أنّه يتسم هنا بأسلوب روستيشي البارع، ويحمل علامته المسجلة: اليد التي تشير إلى السماء.
وهنا في قصر مارتيللي ووسط الإجازات الطويلة من أجل القضية، شرع ليوناردو في تنظيم مخطوطاته، كما وثَّق لذلك في أولى صفحات مخطوطة أرونديل:
بدأت في فلورنسا، في منزل بيترو دي براكيو مارتيللي، في يوم 22 مارس 1508. سوف تكون هذه المجموعة غير مرتبة، وهي مؤلفة من عدد هائل من الأوراق التي قمت بنسخها، وآمل أن أرتبها لاحقاً، بحسب الموضوعات التي تتناولها.
ومخطوطة أرونديل ليست "مجموعة" في حد ذاتها: في حالتها الراهنة- ربما وضعت معاً في تسعينيات القرن السادس عشر على يد بومبيو ليوني- وهي متنوعة بشكل كبير. والصفحات الثلاثون الأولى فقط تنتمي لهذه الجملة الافتتاحية: مكونة من أوراق وحبر وخط يد وموضوع مادة- الفيزياء والميكانيكا بشكل عام- وهي على الأرجح كتبت في ذلك الوقت بالضبط في ربيع عام 1508. ولكن حتى عندما يبدأ مهمة تنظيم وتصنيف مخطوطاته هذه تبدو شاقة فجأة:
أخشى أنني يجب أن أقوم بذات الأمر مراراً وتكراراً قبل أن أقوم بإنهاء هذه، ولهذا لا تلمني أيها القاريء لأنَّ الموضوعات كثيرة، والذاكرة لا تستطيع اختزانها، وأقول سوف لن أكتب هذا لأني كتبته من قبل. وحتى أتجنب هذا الشيء سيكون من الضروري عند كتابة أي فقرة أن أقرأ كل شيء قد كتبته حتى لا أقوم بتكراره.
وعدم الدقة المحض في كتاباته يكمن فيه. لقد استعادها من مستشفى سانتا ماريا نوفا حيث كان يحتفظ بها عند مغادرته في عام 1506، وهي مكدسة على مكتبه في قصر مارتيللي، ويدرك المرء كيف تبدو من تصوير فيلبينو ليبي الرائع للمخطوطات الدراسية المكدسة في رؤيا القديس برنارد (باديا، فلورنسا). مصدر ثمين، ولكن تسوده الفوضى. وتذكرنا مفكرة أخرى بأنّها عرضة للضياع والتخريب: " الق نظرة على جميع هذه المواضيع غداً وانقلها، ثم اكشط على الأصول واتركها في فلورنسا، حتى إن أضعت تلك التي تحملها معك، فسوف لن يضيع المنسوخ"
إنّه يشعر بالإرهاق الوشيك من الدوامة العظيمة من الموضوعات ( أو كما يسميها هو casi – المسائل)، ثمرة أكثر من عشرين عاماً من الدرس. ولكن لا يتعين عليه معالجتها وحده: فلديه من يعاونه في هذه المهمة الهرقلية للتصنيف والنسخ- أو على الأقل سوف يجد من يعينه عندما يعود إلى ميلانو. ويخبر ميلزي الشاب بذلك، في ذلك الخطاب العذب-المر من النصح المكتوب في هذا الوقت بدقة، " أقسم بالله سأجعلك تكتب حتى تندم."
وفي هذا الوقت أيضاً كان جمع الصفحات المكتوبة بكثافة في مخطوطة ليشستر (سميت تيمناً بمالكها من القرن الثامن عشر توماس كوك من ليشستر، والآن يملكها ملياردير ميكروسوفت بيل غيتس).
إنّها أكثر مفكرات ليوناردو تماسكاً، بيد أنَّ التواريخ الخارجية لإنشائها هي 1507-1510، إلا أنّ لها نظرة تماسك بل حكمة. خط الكتابة صغير ومنتظم، والرسومات محشورة في الهامش، ولكن النظرة القاصرة للصفحات تناقض سعة مجالها. فمخطوطة لشيستر مهتمة بما نسميه اليوم الجيوفيزياء: إنّها تدرس البنية الطبيعية الأساسية للعالم، وتشرِّح الأجسام الكونية العملاقة، تفكك الأجزاء المتحركة من الآلة الأرضية. وهي تقود إلى مجالات الفيزياء البحتة- الجاذبية، وقوة الدفع، والاصطدام، والنقاشات المحتدمة حول الأحفوريات (تعارض بهدوء الفكرة التقليدية بأنّها كانت آثاراً للطوفان المذكور في الإنجيل). ولكن كان التركيز الأكبر على وجه الأرض، وهو الهم الكامن شعرياً في ذلك المنظر المشهور للوحة الموناليزا. هذه الخلاصة الموجزة لا تتضمن الصفحات الرائعة التي تتناول الشمس والقمر. فليوناردو يتساءل حول ضوء القمر- هل كان يعني أنّ القمر مكون من نوع ما من المواد المعاكسة مثل الكريستال أو الرخام السماقي، أو أنَّ سطحه مغطىً بماء مائج؟ ولماذا، إن كانت منازل القمر قد حدثت بسبب ظل الأرض، فهل بقية القمر ترى بشكل خافت عندما يكون القمر هلالاً؟ ( في الحالة الأخيرة كان استنتاجه صحيحاً بأنّ ذلك الضوء الثانوي معكوساً من الأرض، سابقاً بذلك النتائج التي وصل إليها مايكل ماستلين معلم كبلر بعدة عقود من الزمان)
ومخطوطة لشستر ليست عملاً علمياً معاصراً جديداً وفريداً: فكونيتها كانت تنتمي للعصور الوسطى بالضرورة، مثلها مثل بحثها عن الأجسام الكونية الدقيقة، والتشابه والتماثل الهندسي الكامن. وأشهر فقرة فيها هي تشابه جزئي شعري مستمر بين الأرض وجسد الإنسان:
ربما نقول إنّ للأرض روح النمو، وإنّ لحمها هو الروح، وعظامها هي الطبقات المتتالية من الصخور، وغضروفها هو حجر التوفا المسامي، وإنَّ دماءها وأوردتها من مياهها. وبحيرة الدم التي تقع حول القلب هي المحيط. وتنفسها بزيادة ونقصان الدم في نبضاتها، وذلك في مد البحر وجزره أيضاً .
وفي هذه المناحي فإنَّ المخطوطة عبارة عن نص فلسفي أكثر عنه علمي، ولكن الفلسفة تتعرض إلى مراجعة على الدوام. فثمة نمذجة ليوناردية مثالية بين الرؤيوي والعملي: جدل دائم بينهما. وهو يصارع النظريات الكونية للقدماء، ويضعها في امتحان "التجربة". يدرس توتر السطح لقطرات الندى على أوراق نبات حتى يتسنى له تعلم الكثير حول ذلك "الغلاف المائي العالمي" الذي، يلف العالم، بحسب أرسطوطاليس. ويبني خزاناً بجوانب زجاجية حتى يستطيع مراقبة التيارات المائية الدقيقة والرسوبات الطينية. مناقشة التأثيرات الجوية تنسحب على ملاحظاته الخاصة من قمم جبل روزا في الألب: " كما رأيتها بنفسي".
ويمكن ربط بعض من تجاربه إلى حد كبير بتلك الشهور في فلورنسا؛ فاثنان من رسوماته تبين التيارات المائية تحمل الديباجة " في جسر روباكونتي"، وهو اسم آخر لجسر إل غرازي أسفل النهر من الجسر القديم. وفي قطعة معاصرة في المخطوطة الاتلانتيكية يكتب، " اكتب عن السباحة تحت الماء، سوف تحظى بطيران لطائر خلال الهواء، فهنالك مكان جيد في نقطة حيث تصب الطواحين في نهر أرنو، وبالقرب من مساقط جسر روباكونتي." هذه "المساقط هي السد: وهو مبين في سلسلة خرائط لفلورنسا من عام 1472، وفيها قائد زورق وصياد، وما تزال موجودة حتى الآن. هذه التجارب تضع أبحاث ليوناردو على نهر الآرنو وفي الواقع "فيه"، " السباحة تحت الماء" لفهم أكثر حول حركة الطائر من خلال تيارات الهواء غير المرئية.
ولكن المخطوطة أيضاً بها مذكرة عن حالة الدوار الوشيكة في موضوع التنظيم. فهو يترك وصف آثار الموج قائلاً:
سوف لن أضع الرسوم الإيضاحية في الاعتبار هنا، لأني أوفرها من أجمل العمل المرتّب. همي الآن هو إيجاد المواضيع والمخترعات، وجمعها كما حدثت معي، ولاحقاً سوف أضعها بالترتيب، بوضع ما كان منها من النوع ذاته. عليه قارئي لن تكون بحاجة للتعجب مني أو الضحك علي، إن قفزنا هنا من موضوع لآخر.
وفي الصفحة التالية نجد إخلاء المسؤولية ذاته: " يجب أن أتوقف هنا لاتحدث قليلاً عن العثور على المياه حتى وإن لم يبد أنّها موجودة، فعندما آتي لجمع العمل فإني سوف أضع كل شيء بالترتيب." المخطوطة مغمورة بالتوضيحات، وبما أسماه جيورجيو نيكويديمي "عادات تفكير ليوناردو الهادئة والدقيقة"، بيد أنّها تتسم أيضاً بهذا الافتقار الحرفي للتحديد، هذه السمة من المماطلة وعدم الاكتمال. فكل شيء يكتبه ظرفي، وعبارة عن مسوَّدة لذلك "العمل المرتب" الذي لا يكتبه أبداً.
------------------------------------------------
ليوناردو دافنشي: رحلات العقل
تأليف: تشارلز نيكول
ترجمة: أميمة حسن قاسم
محاولة استعادة شيء من ليوناردو الإنسان هي مهمة هذا الكتاب- ذلك هو، ليوناردو الإنسان الحقيقي، الذي عاش في وقت حقيقي، وأكل أطباقاً حقيقية من الحساء، مقابل ليوناردو الرجل الخارق، متعدد التخصصات.
بتكليف ورعاية من الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي، وبدافع من حب المعرفة والسعي لنشرها قامت القرية الإلكترونية بتوفير هذه النسخة من كتاب ليوناردو دافنشي: رحلات العقل | تأليف: تشارلز نيكول | ترجمة: أميمة حسن قاسم
وسوف نقوم بنشرها على حلقات تباعاً هنا في جوجل بلس نأمل أن تحوز إعجابكم وأن تكون مساهمة في #نشر_المعرفة
صفحتنا الرسمية في فيس بوك :
منصتنا في جوجل بلس لمتابعة باقي مشروعاتنا
(جميع الحقوق محفوظة)
No comments:
Post a Comment