ليوناردو دافنشي: رحلات العقل
الجزء السادس
على الطريق 1500-1506
من الحركة تأتي كل حياة
مخطوطة باريس، هـ، صفحة 141
1-مانتوفا و البندقية
كان أول ملجأ لليوناردو هو مدينة مانتوفا، وبلاط الماركيزة الشابة، إيزابيلا دا إيست، والتي قد التقاها دون شك قبل ذلك في مدينة ميلانو، لقد كانت هناك في عام1491، في حفل زواج أختها بياتريس من لودوفيكو، ومرة أخرى في أوائل عام 1495 عندما وصلت الأنباء بظفر الفرنسيين بنابولي- وهي مسألة كانت تهمها بشكل خاص لأنَّ زوجها فرانسسكو غونزاغا كان بين من حاربوا الفرنسيين. لقد عرفت الصورة الشخصية لسيسيليا غاليراني التي رسمها لها ليوناردو، والتي أرسلتها لها حتى تقارنها برسم آخر بريشة المعلم القادم من مدينة البندقية جيوفاني بيليني، ولقد عرفت أيضاً راعي ليوناردو؛ الموسيقيّ اتالانتي ميغليوروتي، عندما استدعيت إلى مانتوفا في 1490 لأداء دور البطولة في المسرحية الموسيقية أورفيوس لبولزيانو. باختصار كانت تربطها بليوناردو معرفة، أما ما إذا كانت هنالك علاقة شخصية بينهما فهذه مسألة أخرى.
لقد كانت إيزابيلا دا إيست ثرية جداً، وتتمتع بإرادة قوية، وقد تلقت تربية صارمة. بيد أنّها لم تتجاوز بعد اواسط العشرينيات من العمر، لكنها حكمت بلاطها مثل حاكمة مستبدة في إيوان فارسي. لقد كانت عائلة دا إيست التي قدمت أصولها من فيرارا واحدة من أقدم وأشهر العائلات في إيطاليا، وقد ضمت إقطاعيتها مدينة مودينا، وأنكونا، وريجو. (وهنالك فرع ألماني أيضاً، ظهر في القرن الحادي عشر، ومنه انحدرت عائلات آل إيست-غيلف من برونزويك وهانوفر، ثم العائلة المالكة البريطانية). وقد كانت إيزابيلا في السادسة عشرة من عمرها؛ عندما تزوجت من ماركيز مانتوفا، فرانسسكوا غونزاغا الثاني، في يناير 1491 في حركة ديبلوماسية ثلاثية، تمثلت بقية فصولها في زواج أختها من لودوفيكو وأخيها من ابنة آخ لودوفيكو آنا.
وقد كانت هنالك درجة شديدة من العداء بين آل غونزاغا وآل فيسكونتي الميلانيين، ولكنها انتهت من خلال الزيجات المعتبرة من كريمات آل سفورزا وآل غونزاغا، وأصبح الأعداء بفضلها حلفاء لبعضهما البعض ولفيرارا أيضاً.
وصلت إيزابيلا لمانتوفا في كامل أبهتها، في موكب مائي فخم عبر نهر البو لتدخل إلى قلعة المدينة الأنيقة الصغيرة محمولة مثل الظافرين، وقد حُملت مقتنياتها في ثلاثين حُقَّاً ملوناً من المستخدم آنذاك لحمل أغراض العروس. وسرعان ما أصبحت أيقونة لعصر الاستهلاك المفرط، تهوى جمع الأغراض النفيسة والجميلة في تعطش وفي بعض الأحيان تفتقر إلى الضمير في ذلك. ولقد كانت تتحدث بفظاظة عن ثروة أختها- كان آل سفورزا أكثر ثراء من آل غونزاغا، ولكن بياتريس لم تكن ممن يكنزون ويجمعون. فقالت إيزابيلا (كان على الله أن يعطينا أكثر لأننا أكثر استهلاكاً..). فكوّنت مجموعة آل غونزاغا للجواهر والأحجار الكريمة والنقوش والأصول المنقولة الصغيرة التي كان يشيع جمعها- ولكن أظهرت خطاباتها في أواخر تسعينيات القرن الخامس توسعاً في الاهتمامات. فقد جاء في خطابها لوكيلها في روما في 1499 العبارات: "أنت تعرف كم نحن متعطشون للتحف"، و" نحن الآن معنيون بامتلاك بعض المجسّمات وتماثيل الرؤوس البرونزية والرخامية." كانت هذه التحف والمجسمات للغرف التي خصصتها للعرض في قلعة غونزاغا- معرضها الشهير والغرفة المصاحبة له، المغارة.
وقد بدأت في طلب أعمال الرسم- وقد كان اهتمامها ببليني وليوناردو، كما افصحت في خطابها إلى سيسيليا غاليراني كان في ذاك السياق. وأخيراً تم تزيين المرسم بتسعة من اللوحات الكبيرة: رموز معقدة حددتها إيزابيلا نفسها. كان اثنان منها من قبل فنان البلاط المانتوفي العائد من الحرب اندريه مانتينا، واثنتان بريشة لورينزو كوستا من فيرارا، وواحدة من أعمال زميل الإسطبل القديم بيروجينو، ولكن لم تكن أيّا منها بريشة ليوناردو رغم اجتهادها في الأمر.
كانت إيزابيلا على درجة عالية من الذكاء والفطنة. وكانت راعية لشعراء وموسيقيين، كما كانت هي نفسها عازفة عود لا تعوزها البراعة، وقد تميزت سهراتها بذلك الضرب من الأغاني العاطفية الخفيفة المعروف بالفروتولا[Frottola]. ولكنها كانت هاوية جمع نفائس فوق كل شيء، وشغفها في ذلك يكاد يكون هوساً. وكان ضمن مقتنياتها عندما توفيت عام 1539ما لا يقلعن 1241؛ قطعةٌ من العملات والميداليات، 72 من القوارير والآنية والأكواب، كان 55 منها مصنوعاً من الحجارة شبه الكريمة (العقيق، واليشب، وما إلى ذلك)، ونحو 70 تمثالاً ومجسماً مصغراً من البرونز والرخام والأحجار شبه الكريمة، و13 من التماثيل النصفية، والساعات، والصناديق المطعمة، وقطع من المرجان، وأسطرلاب، وقرن "وحيد القرن"، وسِنُّ سمكة "طولها ثلاثة أشبار".
واللوحة النصفية التي رسمها ليوناردو لإيزابيلا، موجودة الآن في متحف اللوفر، وقد انتهى العمل فيها بالتحديد في شتاء 1499-1500، عندما نزل في ضيافتها في مانتوفا. ربما يعتبرها المرء ثمناً للقمته. وهي لوحة مكتملة بالطبشور الأسود، والأحمر والباستيل الأصفر. ويبدو أنّها قد قُصَّت من أسفلها: والعمل المقلّد لها من قبل مجهول ويعود إلى القرن السادس عشر(كنيسة المسيح، أكسفورد)، والذي كان قريباً إلى حدٍ كبير من الأصل في كل تفاصيله الأخرى، تظهر فيه وهي تضع يديها على الشرفة، وتشير سبابة يدها اليمنى إلى كتاب موضوع هو الآخر على السطح العلوي للدرابزين. تنسيق الرسم الضخم يدل على أنّه كان رسماً تحضيرياً على الكارتون، وكذلك التثقيب حول خطوط الصورة، بهدف نقلها إلى اللوح.
ولم يسلمها ليوناردو لوحةً مكتملة عن هذا العمل المفقود، بيد أنّ هنالك ما يدلّ على أنّه شرع في تنفيذ إحدى الرسومات، وسنورد مزيداً من التفاصيل حول هذا الأمر لاحقاً.
إيزابيلا دا إيست بريشة ليوناردو، 1500
وتمثل اللوحة تبايناً رقيقاً بين عذوبة المثال والنفور المتعمد في التشكيل الجانبي؛ فنرى سيدة ارستقراطية شابة مفعمة بالرضا لمعرفة أنّ أمنياتها سوف تتحقق على يد رسّامي الصور الشخصية هؤلاء، على سبيل المثال- الذين تلقوا أجراً على ذلك. في وجهها شيء من الدعة و"الدلال": فربما سُلمت للمربيات، وربما كانت تضرب الأرض بأقدامها عند الغيظ، أو تضحك عندما ترضى. كانت إيزابيلا أميرة نزوات كما عرفنا من مصادر أخرى. فعندما توفيت كلبتها الأليفة أورا في 1512 استكتبت الأدباء في الثناء عليها-وكان لها ما أرادت- بكلا اللغتين اللاتينية والإيطالية.
وفي شيء من النزق ذكر ميكافيللي، المبعوث الفلورنسي في مانتوفا، أنّها استيقظت متأخرة ولم تستقبل أيَّ زوار رسميين قبل أن ينتصف النهار. يظهرها الرسم الجانبي الكامل في مزاج نبيل وسلطوي- الأسلوب المميز لجامعي القطع النقدية والميداليات. يظهر الرسم الشخصي كيف كان ليوناردو يراها فعلاً، ويحتوي أيضاً على تورية ضمنية للتملق النفعي للفنان الذي يحتاج إلى الحماية في تلك الأيام الصعبة.
لم يطُلْ بليوناردو المقام في مانتوفا. فقد استأنف رحلته إلى البندقية، على الأرجح في شهر فبراير من عام 1500. وقد وصل بالتأكيد بحلول منتصف مارس، عندما زاره لورينزو غوزناغو. وهو موسيقي وصانع آلات موسيقية من فيرارا كان يقيم في البندقية آنذاك. وقد سبق لغوزناغو زيارة بلاط سفورزا في ميلانو، وعلى ذلك فربما كان يعرف ليوناردو بصفة شخصية. في 13 مارس كتب خطاباً إلى إيزابيلا ضمنّه العبارات التالية: وهنا في البندقية أيضاً، ليوناردو دا فنشي الذي أراني صورة شخصية لسيادتكم، والتي بدت في غاية الشبه بكم، كما أنّها قد رُسمت بطريقة جميلة فوق ذلك. وليس بالإمكان رسمها بصورة أفضل من هذه". يتصور المرء من وراء ستار التفاصيل اللطيفة؛ ليوناردو في مقر إقامته بمدينة البندقية، وبجانبه على الحامل رسمٌ لإيزابيلا دا إيست. يصفها غوزناغو بانّها صورة، والتي هي بالتأكيد تعني لوحة أكثر منها مجرد رسم. (Ritratto قد تعني أيضاً نسخة، وبذلك المعنى قد تكون رسماً، ولكن ليس من المرجح أن يكون هذا هو المقصود بالكلمة هنا). ربما لم تكتمل هذه اللوحة ولكنها من الموضوعية بما يكفي للثناء عليها باعتبارها أقرب للحياة و"مرسومة بجمال".
وللوحة إيزابيلا دا إيست المفقودة أهمية خاصة لأنّها ربما كانت تحتوي على أول نسخة ملونة من كفي الموناليزا. ولا يظهر سوى جزء فقط من اليدين المتشابكتين في رسم اللوفر، ولكنهما قابلتان لإعادة الرسم من نسخة كنيسة المسيح (اللوحة 20)- وهما متطابقتان تقريباً مع الكفين الأكثر شهرة: أصابع اليد اليمنى ووضعها بخفة على الذراع اليسرى، التي هي الأخرى تستقر بشكل مستوٍ على سطح صلب( حاجز الشرفة في الرسم، مسند ذراع الكرسي في لوحة الموناليزا.) وهنالك دلائل أخرى للموناليزا تستشف من الرسم. فشعر إيزابيلا لم يكن مميزاً تماماً، ولكن شكله- افتقاره للانسياب الحر- يشير إلى أنّه مغطىً، كما في حالة الموناليزا بشال رقيق وشبه شفاف. والرسم النصفي هو وجه آخر للشبه- وفتحة القميص، وبداية شق صدرها التي تبدو بالكاد، وموقع الكتف الشمال لكنْ جليسة الموناليزا بالطبع تتميز بالتفاتة خفيفة ناحية اليمين(أو يسار الصورة) بينما الصورة النصفية لإيزابيلا تتجه قليلاً ناحية الشمال. ويمكن إزالة هذا التضارب بالنظر إلى ظهر رسم اللوفر، حيث يظهر شكل إيزابيلا على ظهر اللوحة معكوساً(اللوحة21). الصورة خارقة: حيث تحوم موناليزا طيفية على الورقة (لكنْ هذا الشيء يعزى جزئياً إلى التلطخ الذي يطمس التشكيل الجانبي للوجه، وعليه فإنَّ الشكل يبدو كما لو أنّه استدار ناحيتنا).
هنالك عدد من الأمور الغامضة تكتنف الموناليزا، لكن يبدو أننا هنا بصدد شيء أقرب للحقيقة، وهو أنّ هنالك تفاصيل بعينها تتعلق بوضعيتها وظهور هيئتها لأول مرة في صورة رسمها ليوناردو، ولقد شرع في رسمها على ما يبدو في الأشهر الأولى من عام 1500.
ترك ليوناردو في إقامته الوجيزة بالبندقية- على حد علمنا- أعمالاً صغيرة ولكنها مثيرة للاهتمام. وفي صفحة كثيرة الثنايا والتصحيحات في مخطوطة أتلانتكس هنالك مسودة لتقرير معنون إلى "الشيخ الألمعي" في مجلس البندقية يتعلق بإمكانية تحصين نهر إيسونزو(في إقليم فريولي شمال شرقي البندقية) لمواجهة الغزوات التركية المحتملة. ويبدو أنّه تكليف رسمي. فربما كانت زيارته للمنطقة في أوائل مارس، وقبل مقابلة الشيخ في 13 مارس الذي تم فيه تعيين "مهندسين" لإنتدابهم إلى فريولي. وتشير الثنيات والطيات بالورقة إلى أنّ ليوناردو قد حملها في جيبه أثناء عمله الميداني. ويوثّق لوجوده على نهر ويباش القريب من غوزيزيا رسم تمهيدي بالطبشور الأحمر مدبّج بعبارة "جسر غوريتزيا" و"نهر فيباكو الأعلى". وتورد مذكرة لاحقة، موقعاً آخر في ما يتعلق بنقل المواد العسكرية، والذي يجب أن يتم (بالطريقة التي اقترحتها في غراديسكا في فيرولي).
فعَمَدَ إلى الكتابة بأسلوب تقريري مقتضب: " لقد درست أحوال نهر إيسونزو بعناية...." مدوّناً ارتفاع مياه الفيضان. وقد تحدث إلى القرويين- " علمت من القرويين أنّ..." ويعلق مشدداً حول قوة المياه التي لم تستطع البنية التي صنعها الإنسان على مقاومتها. وبدا أنّ بعضاً من توصياته قد طُبقت، لأنّه في إحدى الفقرات اللاحقة بمخطوطة أرونديل، كتب مشيراً إلى القصر الفرنسي في رومورانتين: " لتكن قناة سحب المياه متحركة، مثل التي أنشأتها أنا في فيريولي."
وهنالك تقنية مختلفة أخرى أثارت اهتمامه في البندقية- الطباعة. لقد كانت المدينة واجهة لتقنية النقش على الألواح النحاسية، والتي تحفر فيها الصورة باستخدام الأحماض الآكالة (حامض النتريك) على لوح من النحاس. ولم تتجاوز التقنية آنذاك مرحلة التجريب، بيد أنّ ليوناردو أدرك دون شك أهميتها بالنسبة لعملية إعادة إنتاج رسوماته التقنية. فحفر النحاس باستخدام الأحماض يتميز بنعومة في الخط استعصى الوصول إليها بالحفر التقليدي على الخشب. ربما كان حفر تصميمات "الأكاديمية" قد جرى وطُبع أثناء إقامته هناك في 1500، وقد نجت منها ستة نماذج موجودة الآن في مكتبة امبروزيانا بمدينة ميلانو.
وعلى الرغم من هذا الاهتمام فقد ظل ليوناردو مغروراً بفكرة تفوق اللوحة الفريدة على تعددية الصور التي توفرها تقنية الطباعة: " اللوحة لا تذرأ عدداً لا نهائياً من الأطفال مثلما تفعل الكتب المطبوعة، فهي نسيج وحدها، ولا تلد أطفالاً يشبهونها تماماً على الإطلاق، وهذا التفرد يجعلها أكثر تميزاً عما ينشر في كل مكان."
أما الأنشطة الفنية الأخرى فلا نعرف عنها سوى القليل. ومن الأرجح أنّه التقى معلِّمَ الرسم الفينسي الجديد الشاب جورجيو دا كاستيلفرانكو، والمعروف بالنسبة لسكان البندقية بزورزي، أما نحن فنعرفه بجيورجيوني-"جورج الكبير". وقد كان لليوناردو أثر كبير في أعماله. فلوحة مثل العاصفة (1508) تنتسب إلى حس ليوناردو باللون والضوء، وأسلوبه الدخاني، وجودة اللحظية الدراماتيكية. لقد كانت زيارة ليوناردو القصيرة للمدينة في 1500 سانحة للتثاقف في خضم هذا التأثير الغالب.
في أواسط شهر أبريل من عام 1500 تلقت البندقية أنباءً من ميلانو؛ بأنّ الحظ حالف آل سفورزا لبرهة في أوائل فبراير، عندما دخلت القوات الموالية للأسرة المدينة من جديد بقيادة اسكانو سفورزا وغالياتسو سانسيفيرينو. ولكن عودة الأسمر ذائعة الصيت كانت قد أحبطت في نوفارا، وقد فر جيشه المكون من المرتزقة السويسريين في العاشر من أبريل، ولم ينجُ من الخزي إذ وقع في الأسر بينما كان متنكراً على هيئة خادم. وعادت ميلانو إلى الحكم الفرنسي بحلول 15 أبريل.
وعلى الجانب الداخلي من غلاف كتيّبه مخطوطة باريس ل، دوّن ليوناردو ملخصاً مقتضباً حول مجريات الأحداث الأخيرة- ويبدو أنَّ الجمل المتقطعة تدوّن الأحداث أثناء سماعه لها:
حاكم القلعة وقع في الأسر
سُحل بيسكونتي [فيسكونتي] ثم قُتل ولده.
نُهب مال جيان ديلا روزا
ظهر بورجونزو ثم غيّر رأيه وهرب من الثورة.
خسر الدوق دولته، وأملاكه، وحريته، ولم تكتمل أيٌّ من أعماله.
وقد رأى بعض المؤرخين أنّ تأريخ هذه الأحداث هو شهر سبتمبر من 1499- أول غارة للفرنسيين-ولكنْ أنّ الدوق "خسر ..حريته" تشير بشكل واضح إلى وقوع لودوفيكو في الأسر في نوفارا. وآمر القلعة الحبيس هو الحاكم الفرنسي الذي سلم القلعة للميلانيين في فبراير؛ كان قد سُجن عندما استعاد الفرنسيون سيطرتهم على المدينة في 15 أبريل. وجيان ديلا روزا على الأرجح هو طبيب ومنجِّم الأسمر جيوفاني دا روساتي، بيرجونزو هو الحاجب بيرجونزو بوتا. لم يذكر ليوناردو القدر الأكثر مأساوية لصديقه المعماري جياكومو اندريه. لقد أودع السجن من قبل الفرنسيين بتهمة التآمر لصالح سفورزا، وعلى الرغم من الوساطات النافذة، تم إعدامه وتقسيمه إلى أربعة أجزاء في القلعة في يوم 12 مايو. ويستشف المرء أنَّ هذا الأمر يحدث بعد عندما كتب ليوناردو هذه الملاحظات.
ولقد وقع الأسمر بالفعل في الأسر. وأخذ إلى فرنسا حيث أودع السجن في مدينة وشو[Loches]، في إقليم توراين، حيث ظل هناك حتى وافته المنية بعد ثماني سنوات وقد كاد أن يجنّ من وطأة الأسر.
إنّ عبارة" عدم اكتمال أيّ من أعماله"؛ تنمّ عن تقلب حظه السياسي، كما أنّها قد تدل بشكل أكبر على توكيد شخصي لتوقف العمل في تمثال حصان سفورزا. وسوف يعلم لاحقاً عن تدمير الرماة الفرنسيين للنموذج الطيني للحصان، كما أورد المؤرخ سابّا كاستيليوني عقب ذلك بحوالي خمسين سنة:" إني أذكر، وأقولها بحزن وغضب الآن، لقد استخدم هذا العمل العبقري كهدف للرماية من قبل رماةٍ متبجحين".
إنْ كان ليوناردو ينوي العودة إلى ميلانو، فربما أقنعته هذه القلاقل بغير ذلك: السجن والمصادرات والاغتيالات، فقام في وقت قصير بعد يوم 15 أبريل بخربشة هذه الأنباء على غلاف أحد دفاتره. وبحلول 24 أبريل كان في قلب فلورنسا.
------------------------------------------------
ليوناردو دافنشي: رحلات العقل
تأليف: تشارلز نيكول
ترجمة: أميمة حسن قاسم
محاولة استعادة شيء من ليوناردو الإنسان هي مهمة هذا الكتاب- ذلك هو، ليوناردو الإنسان الحقيقي، الذي عاش في وقت حقيقي، وأكل أطباقاً حقيقية من الحساء، مقابل ليوناردو الرجل الخارق، متعدد التخصصات.
بتكليف ورعاية من الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي، وبدافع من حب المعرفة والسعي لنشرها قامت القرية الإلكترونية بتوفير هذه النسخة من كتاب ليوناردو دافنشي: رحلات العقل | تأليف: تشارلز نيكول | ترجمة: أميمة حسن قاسم
وسوف نقوم بنشرها على حلقات تباعاً هنا في جوجل بلس نأمل أن تحوز إعجابكم وأن تكون مساهمة في #نشر_المعرفة
صفحتنا الرسمية في فيس بوك :
منصتنا في جوجل بلس لمتابعة باقي مشروعاتنا
(جميع الحقوق محفوظة)
No comments:
Post a Comment