قصة سان ميشيل لأكسِل مونتي
ترجمة: علي كنعان
الحلقة رقم (18)
XIX
التنويم المغناطيسي(1 )
إن منصة العروض المشهورة في مدرج السلبيتريير التي أدت إلى طردي كانت مدانة من قبل كل طالب جاد في ظاهرات التنويم المغنطيسي. ونظريات شاركو التي فرضها نفوذ سلطته المطلق على جيل من الأطباء قد سقطت وفقدت مصداقيتها بعد أن أدت إلى تأخير معرفتنا بالطبيعة الحقيقية لهذه الظواهر لأكثر من عشرين سنة. فقد أثبتت خطأها كل واحدة تقريبا من نظريات شاركو عن التنويم المغناطيسي. فالتنويم ليس، كما يقول، عصابا مستحثا بشكل زائف لكي يواجه بالهستيريا، فرط الحساسية، ضعف العقل واختلال الاتزان لدى البشر. العكس هو الصحيح. إن الأشخاص المصابين بالهستيريا هم عرضة للتنويم، في العادة، بسهولة أقل من الناس المتزنين جيدا والمتمتعين بعقول سليمة. إن الأذكياء، أقوياء الإرادة، والمستبدين من الناس أسهل في التنويم من الناس الأغبياء، البلهاء، السطحيين وضعاف العقول. المعتوهون والمجانين هم في أغلب الحالات مقاومون لتأثير التنويم. والناس الذين يقولون إنهم لا يؤمنون بالتنويم، ويضحكون عليك قائلين إنهم متأكدون أن ليس بالإمكان تنويمهم، هم عادة أسهل الناس في إخضاعهم للنوم. الأطفال كلهم قابلون للتنويم بسهولة. فالنوم لا يمكن أن يتأتى بطرائق آلية وحسب. إن كرات الزجاج الساطعة، والمرايا الدوارة المستعارة من صياد الطيور، وقطع المغنطيس، والتحديق الثابت في عيني الشخص، وحركات الشعوذة التي يقومون بها في السلبيتريير والشارتيه هي محض هراء.
إن القيمة العلاجية للتنويم في المداوة والجراحة ليست بلا جدوى، كما يقول شاركو، بل على العكس، إنها ممتازة إذا كانت في أيدي أطباء مقتدرين وعقول صافية وأيد نظيفة، وعلى معرفة تامة بالتقنية. وتبرهن على ذلك بلا جدال الإحصائات في ألوف الحالات التي جرى استقصاؤها. ولأتحدث عن نفسي، فأنا لست ممن يدعون مختصين بالتنويم، لكني طبيب أعصاب أجبر على استعمال هذا السلاح حين أثبتت طرق العلاج الأخرى عدم جدوى، وقد حصلت على نتائج رائعة بهذا الأسلوب من العلاج الذي لا يزال محكوما بإساءة الفهم. إن الاضطرابات العقلية من جميع الأنواع، سواء مع فقدان قوة الإرادة أو بدونه، والإدمان على الكحول والمورفين والكوكائين والغلمة النسوية، يمكن علاجها بهذه الطريقة عادة. وعلاج الانحراف الجنسي أصعب ما يكون. وفي العديد من الحالات، وليس في معظمها، لا يمكن اعتباره مرضا بل انحراف في الغريزة الجنسية وهو طبيعي لدى أشخاص معينين وغالبا ما يؤدي التدخل الفعال إلى ضرر أكبر من أن ينفع. وما إذا كانت قوانيننا الاجتماعية تتدخل، وإلى أي حد، فهذه مسألة معقدة جدا، ولا أريد أن أناقشها هنا. والشيء المؤكد هو أن صياغة القانون الفعلية تقوم على سوء فهم للوضع غير المريح في أوساط طبقتنا الواسعة من الناس. فهم ليسوا مجرمين، لكنهم مجرد ضحايا لذهول خاطف من أمنا الطبيعة، وربما عند ولادتهم، وربما عند حملهم. ما هو تفسير الازدياد الهائل في الانحراف الجنسي؟ هل تنتقم الطبيعة لنفسها من فتاة اليوم المسترجلة بتنشئة غلام متخنث من أوراكها المستوية وأثدائها المسطحة؟ أم أننا شهود ذاهلون أمام شكل جديد من التطور، وذلك بدمج تدريجي لحيوانين متمايزين في نموذج مجهول حتى الآن، وهو آخر ما تبقى من عرق محكوم بالهلاك على كوكب تالف، الحلقة المفقودة بين الجنس البشري اليوم وسوبرمان الغد الغامض؟
إن الفائدة العظيمة المستخلصة من خُدار التنويم في العمليات الجراحية والتوليد لا ينكرها اليوم أحد. وأكثر ما يدهش أن التأثير المفيد لهذه الطريقة، حتى في أشد العمليات ألما، ما يزال في العادة متحملا بلا تخدير ــ وهو الموت. إن ما سمح لي أن أفعله للعديد من جنودنا الذين يموتون أثناء الحرب الأخيرة كان كافيا أن يجعلني أشكر الله لامتلاك هذا السلاح القوي في يدي. لقد أمضيت في خريف 1915 يومين كاملين لن أنساهما بين نحو مئتين من جنود يموتون، مركومين معا تحت معاطفهم الثقيلة الملطخة بالدم، على أرض كنيسة قرية في فرنسا. لم يكن لدينا مورفين، ولا كلوروفورم، ولا أي نوع من المخدرات يخفف من عذاباتهم ويقصر من تباريح موتهم. لقد مات عديد منهم أمام عيني، فاقدي الحس والإدراك، والبسمة على شفاههم في الغالب، ويدي على جباههم، وكلماتي المكرورة ببطء تدوي في آذانهم بالأمل والمواساة، ورعب الموت يتلاشى تدريجيا من عيونهم وهي تنغلق.
ما هي تلك القوة الخفية التي كانت على وشك أن تتراءى لي وهي تنبثق من يدي؟ من أين جاءت؟ أكانت تجيء من تيار الوعي في داخلي تحت مستوى حياتي اليقظى، أم هي بعد كل شيء "قوة سحرية" خفية من السيالة المغنطيسية للتنويم القديم؟ والعلم الحديث طبعا قد تخلص من السيالة المغناطيسية، واستعاض عنها بمنظومة جديدة تقريبا من النظريات الساذجة. وأنا على معرفة بها كلها، ولم أقتنع بأي منها حتى الآن. إن الإيحاء وحده، هو المرتكز الخالص للنظرية المقبولة الآن بشكل عام في مسألة التنويم، ولا يمكن إيضاح كل ظواهره المفزعة. إن كلمة "إيحاء"، كما يستعملها زعماء مروجيها في مدرسة نانسي، لا تختلف إلا بالاسم من هذه "القوة السحرية" للتنويم التي تستخدم الآن بشكل مضحك. دعونا نعترف، كما ينبغي، أن المعجزة لا تتم بفضل الطبيب وإنما بعقل الخاضع للتجربة وهو دون وعي. لكن، أنى لنا أن نعلل نجاح طبيب ما وفشل آخر؟ لماذا يتردد إيحاء طبيب ما بوصفه كلمة أمر في المشغل الخفي لعقل الشخص المدروس لجعل قواه الخفية تعمل، بينما يقوم طبيب آخر بهذا الإيحاء ذاته فيقاومه وعي الشخص ويبقى بلا تأثير؟ وأنا، أكثر من كل الناس، حريص أن أعرف ذلك، لأني منذ الصبا كنت مدركا أني بذاتي أمتلك هذه الطاقة، أيا كان اسمها، بدرجة استثنائية. وبدا لي أن مرضاي، صغارا وكبارا، رجالا ونساء، قد اكتشفوها عاجلا أو آجلا وغالبا ما تحدثوا معي عنها. وكان جميع زملائي في أجنحة المستشفى على علم بها، وشاركو نفسه كان يعرفها وغالبا ما استخدمها. والأستاذ ڤوازان، طبيب الأمراض العقلية المشهور في ملجأ القديسة آن غالبا ما جعلني أساعده في محاولاته اليائسة لتنويم بعض المجانين. لقد اعتدنا أن نعمل طوال ساعات مع هؤلاء المجانين البؤساء وهم يزعقون ويتخبطون بهياج في ستراتهم الضيقة، عاجزين عن فعل أي شيء إلا البصاق في وجوهنا كما كانوا يفعلون في الغالب. وكانت نتيجة جهودنا في معظم الحالات سلبية، لكنني في معظم الظروف كنت أنجح في تهدئة بعضهم حين يفشل الأستاذ ذاته، برغم صبره العجيب. وكان الحراس في حديقة الحيوان وحظائرها في بيزون يعرفون ذلك. وكانت حيلة مألوفة لدي أن أجعل أفاعيهم، وسحاليهم، وسلاحفهم، وببغاواتهم، وبوماتهم، ودببتهم وقططهم الكبيرة في حالة سبات، مشابهة تماما للمرحلة الأولى في تنويم شاركو، وغالبا ما كنت أنجح في جعلها تستغرق في نوم عميق. وفي ظني أني ذكرت من قبل كيف فتحت خراجا واستخرجت شظية من كف ليوني، أروع لبوة في حديقة بيزون. ولا يمكن تفسيرها إلا كحالة من الخدار المحلي تحت تنويم خفيف. إن القردة، رغم قلقها، توضع بسهولة في حالة نوم والفضل لذكائها العالي ونظامها العصبي القابل للتأثر. والتأثير السحري على الأفعى ظاهرة تنويم طبعا. وأنا بذاتي وضعت كوبرا في حالة إغماء تخشبي في معبد الكرنك. وأنا أشك أيضا بأن تدريب الفيلة المتوحشة يمكن أن ينجح بتأثير التنويم أحيانا. والطريقة التي سمعت بها يوما أن فيالا تحدث لساعات إلى أحد الفيلة في حديقة الحيوان وقد أصبح عنيدا ويبدو وكأنه إيحاء بالتنويم تماما. إن الطيور، في معظمها، قابلة للتنويم بسهولة. وكل شخص يعرف كم يسهل ذلك مع الدجاج. ويستطيع كل مراقب أن يتحقق بسهولة من التأثير المهدئ للصوت الرتيب وهو يردد كلمات ببطء في كل تعامل مع الحيوانات، وحشية وأليفة، إلى حد أنها تكاد تبدو وكأنها تفهم المعنى الدقيق لما يقوله المرء لها – وهو ما لا يمكن أن أستجيب له إذا استطعت أن أفهم ما يقال لي! وما يزال واضحا أن ليس بالإمكان أن نتكلم هنا عن الإيحاء العقلي. لا بد أن ثمة طاقة أخرى هي التي تعمل، وأسأل من جديد: ما هي هذه الطاقة؟
هناك حالة سيئة بين مرضاي حولتها إلى نورستروم خلال غيابي في السويد وكانت تعالج على نحو وثيق بإيحاء التنويم. وبما أني كنت حريصا على أن العلاج لا ينبغي أن ينقطع فقد جعلت نورستروم يساعد في الجلسة الأخيرة. قال إنها سهلة وبدا أن المريضة أحبته. ولدى عودتي إلى باريس تبين لي أنها انتكست إلى عاداتها القديمة، فلم يكن زميلي قادرا على تنويمها. ولقد حاولت أن أجعلها توضح سبب فشله، فقالت إنها نفسها لم تستطع أن تعرف ذلك، وكانت آسفة جدا، فقد بذلت أقصى ما تستطيع وهذا ما فعله نورستروم الذي أحبته كثيرا جدا.
ومرة أرسل لي شاركو دبلوماسيا أجنبيا شابا، في حالة سيئة من الانحراف الجنسي. وقد عجز شاركو بذاته والأستاذ كرافت-إبينغ، اختصاصي ڤيينا الشهير، كلاهما أن ينوما ذلك الرجل. وهو نفسه لم يكن متلهفا للعلاج، بل كان يعيش في خوف دائم من الابتزاز بالتهديد، وأقسى ما كان يعانيه احتمال فشلهما. وقال إنه كان مقتنعا أن هذه فرصته الوحيدة، وهو يشعر بالتأكيد أنه سيكون على ما يرام إذا أمكن حمله على النوم.
"لكنك نائم"، قلت له وأنا ألمس جبينه برؤوس أصابعي، بدون تحريك، ولا تحديق في عينيه، ولا إيحاء. ولم تكد الكلمات تخرج من فمي، حتى أطبق أجفانه برعشة خفيفة وغرق في نوم إيحائي عميق في أقل من دقيقة. بدا أنه مفعم بالأمل، وبعد شهر عاد إلى بلاده ممتلئا بالثقة في المستقبل، أكثر مما كنت بكثير. وقال إنه سيطلب يد سيدة أصبح مولعا بها، وأنه متلهف للزواج وإنجاب أطفال، وقد توارى عن نظري. وبعد سنة، سمعت بالمصادفة الخالصة أنه قتل نفسه. ولو أن ذلك الرجل الشقي استشارني بعد بضع سنين عندما أحرزت معرفة أوفر بالانحراف الجنسي، لما كنت حاولت إطلاقا أن أقوم بتلك المهمة اليائسة في علاجه.
وخارج السلبيتريير، لم يحدث لي أن صادفت إلا نادرا مراحل شاركو الثلاث المشهورة في التنويم، وهو يعرضها بشكل صارخ أثناء محاضرات الثلاثاء. وهو الذي اخترع (هذه المراحل) كلها، وطعَّمها على مواضيعه الهستيرية فتقبلها طلابه بقوة إيحاء المعلم. والتوكيد ذاته يصح بالنظر إلى هوايته الخاصة، هستيرياه المستفحلة التي انتشرت في السلبيتريير كله، وامتلأ بها جناح بعد جناح، وقد خمدت الآن تقريبا.
وبما أن هذه التجارب في التنويم كلها قد أجريت على مصابين بالهستيريا، فهي التعليل الممكن الوحيد لعجزه عن فهم الطبيعة الحقيقية لهذه الظواهر. وإذا كان بيان مدرسة السلبيتريير صحيحا في أن المصابين بالهستيريا وحدهم قابلون للتنويم، فذلك يعني أن خمسة وثمانين بالمئة من البشر، في أقل تقدير، يعانون من الهستيريا.
لكن شاركو كان مصيبا في نقطة أساسية واحدة، مهما جاز لمدرسة نانسي، فوريل، مول.. وكثير من الآخرين أن يقولوا. إن تجارب التنويم لم تكن بلا مخاطر، سواء لأشخاص التجربة أو للمشاهدين. وشخصيا أعتقد أن العروض العامة لظاهرات التنويم يجب أن تحظر بالقانون. إن المختصين في الاضطرابات العصبية والعقلية لا يستطيعون أن يفعلوا بدون التنويم شيئا أكثر مما يفعله الجراح بلا كلوروفورم وإتير. وليس على المرء إلا أن يتذكر الآلاف والآلاف من الحالات البائسة لصدمة القذائف والرضوض العصبيىة أثناء الحرب الأخيرة التي عولجت بما يشبه السحر هذه الطريقة. إن العلاج التنويمي في أغلب الحالات لا يؤدي بالضرورة إلى النوم الإيحائي بإلغاء الوعي المتيقظ. إن طبيبا مطلعا بصورة جيدة على تقنية التنويم المعقدة ويعرف شيئا من علم النفس - وهذا المؤهلان كلاهما ضروريان للنجاح – سيحقق عادة نتائج متميزة، وغالبا مدهشة، بمجرد استعمال ما يسمى الإيحاء بالحالة السابقة. إن مدرسة نانسي تؤكد على أن النوم المغناطيسي والنوم الطبيعي متماثلان. ونحن لا نعرف حتى اليوم ما هو النوم المغناطيسي، وحتى نعرف المزيد عنه فعلينا أن نمتنع من تطبيقه على مرضانا إلا في حالات الضرورة المطلقة. ومع هذا القول، دعني أضيف أن معظم الاتهامات ضد التنويم هي مبالغ فيها إجمالا. وأنا أعلم أن لا وجود لدليل محقق تماما حتى اليوم على أن فعلا جنائيا قد ارتكبه شخص بعد خضوعه للتنويم الإيحائي. وأنا لم أشاهد أبدا إيحاء قام بتنفيذه شخص وهو أو هي تحت التنويم، وكان يمكن أن يرفض القيام به إذا طلب منه في حالة اليقظة الطبيعية. وأنا أجزم لو أن حارسا أسود أوحى لامرأة، وهي تحت تنويم عميق، أنها يجب أن تسلم نفسها له وأنها ينبغي أن تنفذ هذا الإيحاء، فذلك يعني أنها كانت مستعدة للقيام بذلك لو أن الاقتراح وجه إليها وهي في حالة طبيعية من اليقظة في الحياة. فليس ثمة من طاعة عمياء. إن شخص التجربة يدرك تماما ما يقوم به طوال الوقت ويعرف ما يرغب وما لا يرغب بفعله. إن كامي، أستاذة مسرنم لييجوا الشهير في نانسي، التي يمكن أن تبقى هادئة ولامبالية عندما يغرز دبوس كامل في ذراعها أو توضع جمرة متقدة من الفحم في يدها، سوف تتورد خجلا حين يتظاهر الأستاذ بحركة وكأنه يسيء لترتيب ثيابها، وتصحو فورا. وليس هذا إلا واحد من التناقضات المحيرة العديدة التي اعتاد عليها طلاب ظواهر التنويم وهو أصعب من أن يفهمه الدخلاء. والحقيقة أن الشخص، رجلا أو امرأة، لا يمكن تنويمه من غير إرادته، ولا ينبغي أن يعاينه القائمون على إخطاره. ولا شك أن كل ما يقال عن شخص تحت التنويم بأنه غير راغب وغي مدرك في لحظة ما هو مجرد هراء. وكذلك الأمر مع التحليل النفسي أيضا.
---------------------------------------------
( 1) هذا الفصل كله عن التنويم المغنطيسي أو الإيحائي، لذلك اكتفيت بإيراد "النوم" أو "التنويم"، إيثارا للإيجاز ولأن الدلالة واضحة.
--------------------
هذه الملحمة الإنسانية لاكسيل مونتي يصعب أن نَفيها حقها في مقالة موجزة، خاصة وهو يعبر بعمق وألم عن المعركة الدائرة بين الموت والحياة... فالمعركة منظمة في أدق تفاصيلها وفق قانون من التوازن بين الحياة والموت لا يقبل التغيير... لذا أترك للقارئ متعة قراءتها، كما استمتعت. محمد أحمد السويدي
بتكليف ورعاية من الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي، وبدافع من حب المعرفة والسعي لنشرها قامت القرية الإلكترونية بتوفير هذه النسخة من قصة سان ميشيل مترجمة باللغة العربية – ترجمها علي كنعان. (جميع الحقوق محفوظة)
صفحتنا الرسمية في فيس بوك :
منصتنا في جوجل بلس لمتابعة باقي مشروعاتنا

No comments:
Post a Comment