Wednesday, March 13, 2019

ليوناردو دافنشي: رحلات العقل - الجزء الثامن - الأعوام الأخيرة 1513 - 1519





ليوناردو دافنشي: رحلات العقل
الجزء الثامن
الأعوام الأخيرة 1513-1519
---  

انظر إلى لهب الشمعة وتأمل جمالها، ثم انظر إليها مرة أخرى بعد رمشة واحدة.ما تراه الآن  لم يكن موجوداً من قبل، وما كان من قبل لم يعد موجوداً الآن. من ذا الذي يبعث هذا اللهب الذي ما يفتأ يخبو من جديد كل مرة؟
مخطوطة باريس ف. ص 49













1-صوب الجنوب

زار ليوناردو مدينة ميلانو لفترة قصيرة بداية عام 1513: ظهور موقت، ربما، لم يكن معروفاً كيف سينظر الدوق الجديد ماسيميليانو إلى  شخص تعاون بشدة مع أعداء أبيه. وقد ذكر في الخامس والعشرين من شهر مارس، في سجل بالكاتدرائية، بينما كان يعيش أو يسكن مع شخص اسمه بريفوستينو فيولا.  حوالي هذا الوقت كتب اسم باربارا ستامبا، ابنة فيلبو ستابا، وزوجة كارلو اتيلاني (أو ديلا تيلا)، وكانتا خادمتين مخلصتين لسفورزا، وما زالتا كذلك- كانت تدير صالوناً عامراً في منزل اتيلاني الفخم بالقرب من كنيسة الغرازيه، والتي زُينت لاحقاً بجصّية لبيرناردينو لويني. وتعتبر حديقتهما الخلفية حداً مشتركاً بينهما وبين كرْم ليوناردو: جيران مثقفون ونبلاء. هنالك عائلة أخرى حملت إخلاصاً لأسرة سفورزا هي آل كريفيللي: " سلْ زوجةَ بياجينو كريفيللي عن السبب وراء احتضان الديك المخصي لبيض الدجاج وفقسه إن سُقي الخمر" . وبالنسبة لتلميذ التجربة فليس من سؤال مستصغر. ولكنا لا نعرف شيئاً عن أي أعمال له في ميلانو، وربما كان على الأرجح في فابريو. 

جوليانو دي ميديتشي في صورة شخصية بريشة رافائيل أو بعده
وفي هذه الأثناء كانت الأخبار تستقى من فلورنسا، حيث مال بندول السلطة السياسية إلى جهة آل ميديشي مرة أخرى ممثلة في الجيل الجديد- جيوفاني وجوليانو، ولدا لورينزو الناجيان، وابن عمهما جوليو. وفي صيف عام 1512، وبعد ثماني عشر سنة في المنفى، عادا لحكم فلورنسا: في انقلاب سلمي، بيد أنّه مدعوم بوجود قوات في براتو. وفي الأول من سبتمبر غادر الغونفالونير سوديريني من إحدى بوابات المدينة إلى منفاه في الساحل الدالماسي، بينما عبر جوليانو دي ميديتشي من بوابة أخرى.  لقد دخل راجلاً على قدميه، بلا حرس، يرتدي ثوباً تقليدياً فلورنسياً [Lucco]. ولم يقصد أياً من القصر القديم أو قصر ميديتشي، ولكن إلى منزل أحد حلفاء آل ميديتشي في الحكومة – انتونفرانسسكو ديلجي البيزي. ولقد كان هذا الأمر فداحة سياسية غير مسبوقة: العودة المتواضعة لمواطن فلورنسي بإجماع مواطنيه. وصول رأس العائلة، أخ جوليانو الأكبر، جيوفاني البدين، المحب للقراءة، والذي يتميز بآرائه السياسية الحادة، والذي أصبح الآن كاردينالاً نافذا في روما والمرشح بالفعل ليتولى البابوية تالياً، كان أقل تواضعاً، لقد دخل المدينة في كتيبة قوامها 1500 جندياً، سيماء المهابة على وجوههم. ولكن لم تكن هنالك أعذار، ولا مصادرات، لقد تم تداول السلطة بفعالية متناهية، مثل صك لتحويل العملة في مصرف آل ميديتشي. 
لقد اكتملت خطة لعبة آل ميديتشي بإعفاء البابا يوليوس الثاني، وهرع جيوفاني عائداً إلى روما، حيث انتخبه المجمع السري للكرادلة في الحادي عشر من شهر مارس عام 1513 ورسَّموه البابا ليو العاشر. كان جوليانو مسؤولاً عن فلورنسا، ولكن البابا الجديد الذي كان يشكّ بقدرة أخيه الأخرق على التعامل مع الطوائف الفلورنسية، قرر استبداله بحفيدهما الشاب المرن لورينزو دي بيرو؛ واستدعي إلى روما مكللاً بالألقاب الجديدة لتخفيف ما قد يشعر به من أسى. لقد أصبح أميرا على بارما، وبياسنزا ومودينا، ولكنه رفض دوقية أوربينو، اعترافا منه بشرعية فرانسسكو ديلا روفيري، حفيد البابا الراحل، الذي كان صديقاً له في منفاه. وقد حصل أيضاً على اسم غونفالونيير على الجيش البابوي (مثلما كان سيزاري بورجيا أثناء بابوية الكساندر السادس)، وهو المنصب الذي يلزمه بالبقاء في روما بشكل دائم.
والآن قد جاءت من طرف جوليانو دي ميديتشي في روما، في وقت ما من صيف عام 1513- دعوة لليوناردو للحاق به هناك، في هذا البلاط الميديتشيّ الجديد في المدينة الخالدة.
يكتب ليوناردو في الصفحة الأولى من كراسة جديدة، مخطوطة باريس هـ، :" لقد تركت مدينة ميلانو قاصداً روما في 24 سبتبمبر 1513، بصحبة جيوفان، وفرانسسكو دي ميلزي، وسالاي، ولورينزو، وإل فانفويا". أثار الإسمان الأول والأخير بعض البلبلة. قد يكون "جيوفان" هو جيوفاني انطونيو بولترافيو أو جيامبيترينو، لكنْ ليس هنالك من دليل على ذهاب أيّ منهما إلى روما. أو ربما كان صبياً غير معروف، أو قد يكون هو احد المذكورين (إذ أنّ النص الأصلي لا يحتوي على فاصلة)، وأنّ ليوناردو استخدم على غير المعتاد اسمي ميلزي الأولين، جيوفاني فرانسسكو. " أما اسم إل فانفويا" فلم يُذكر في أي مكان آخر في أوراق ليوناردو، فيظل سراً عصياً على البوح.
هنالك اسم معروف، هو فانفولا [Fanfulla] ، والذي ربما كان يُنطق بلهجة ما، أو قد يكوناً لقباً وصفياً. فانفولا ليست كلمة قائمة بذاتها، ولكنها تشير إلى فانفانو أي ثرثار، أو فانفارو، مسيرة موسيقية (ومنها "fanfare")، وفي الحقيقة فانفاروني، ثرثار- مجموعة من الكلمات التي تنطوي على إشارة ضمنية للصوت والاستعراض. فهل كان لقباً آخرَ لتوماسو ماسيني متعدد الحيل والمواهب، والمعروف أيضاً باسم غالوزولو، زوروآسترو، والاباسترو، وإندوفينو...إلخ؟
لقد كان التأريخ – على الأقل- دقيقاً. غادر ليوناردو وحاشيته مدينة ميلانو في يوم 24 سبتمبر 1513، بعد أكثر من سبع سنوات من وصوله من فلورنسا بنية البقاء ثلاثة أشهر- تقول الإحصائيات الكثير عن تعلقه الكبير بالمدينة(و بدوقاتها وحكامها الأثرياء جداً): لقد أمضى- جملةً- أكثر من ثلث حياته هناك. مناظر لوحاتها المطبوعة بذكريات صباه في ريف مرتفعات التوسكان، والتي تحممت بضوء اللومباردي الشمالي الرقيق، الذي كان قد بدأ يخفت فعلاً وقت رحيله في سبتمبر، بينما ينضج العنب في كرومه، وتحل الأمسيات قبيل أوانها المعتاد بقليل.
لقد ساروا إلى جهة الجنوب الشرقي عبر طريق إيميليا- - مروراً بلودي، وبياسينزا، وبارما، وريجيو، وإيميليا، ومودينا وبولونيا، ومن ثم جنوبا عبر جبال ابينيني. ربما لم يطل به المقام في فلورنسا. فقد كتب في قائمة النفقات: " 13 دوكة مقابل 500 رطلٍ من هنا [ميلانو] إلى روما"- هذه هي أجرة نقل أمتعته طوال الطريق إلى روما.   هذه الحمولة التي تبلغ ربع طن وزناً من الأمتعة الشخصية التي ربما اشتملت على الموناليزا، والعذراء والطفل مع القديسة حنّا، وليدا، وحزم الرسومات ودفاتر الرسم، ومعظم الأوراق التشريحية، وجميع الكراسات التي نعرف، والكثير مما لا نعرف، والمائة وستة عشر كتاباً المدرجة في قائمة مدريد( باستثناء القليل المفقود منها، زائداً بعض الكتب التي تحصل عليها مذّاك)، بالإضافة إلى بعض القطع من معدات المرسم، والآلات العلمية، والأثاث، والملابس، والمذكرات الشخصية التي تسربت، لأسباب مادية أو عاطفية، وهو المحفز لسلوك "بع ما يعجزك حمله".
ربما توقف طويلاً بما يكفي ليقابل بعض الأصدقاء، وليقوم على شؤونه المذكورة في إحدى صفحات المخطوطة الاتلانتيكية.  من بين الأسماء غير المعروفة- صانع أحذية يدعى فرانسسكو، وأحد الورّاقين يدعى جيورجيو- ما يثير السؤال: " هل كان القس اليساندرو امادوري ما يزال حياً". إنّه من المعارف القدماء: أخ البيرا، زوجة أب ليوناردو الأولى. وهو مذكور مرتين في القائمة: لقد كان ليوناردو حريصاً على رؤيته. لا بد أنّه عرفه منذ طفولته، لقد تقابلا مرة أخرى في عام 1506، عندما جلب له القس خطابا من إيزابيلا دا إيست، ولم تكن البيرا نفسها أكبر من ليوناردو بأكثر من ستة عشر عاماً فقط، وعليه فإنَّ اليساندرو ربما كان قريباً من عمره هو الآخر. وكما ذُكر آنفاً فإنّه ربما كان هو "العم" الذي حاز على العمل الكارتوني لليوناردو بعنوان آدم وحواء، وهو من الأعمال الفلورنسية المبكرة. ويكتب فازاري في عام 1540 قائلاً: إنّ عمه " ليس قبل وقت طويل" قد عرض العمل الكارتوني على أوتافيانو دي ميديتشي. فإن كان هذا هو اليساندرو، فيجوز لنا أن نقول بكل سعادة بأنَّ الإجابة على سؤال ليوناردو في عام 1513 هي : نعم.
ومن ضمن الأشخاص الذين لم يقابلهم في فلورنسا كان نيكولو ميكافيللي، الذي ارتبط عن كثب بحكومة آل سوديريني، صُرف ميكافيللي من مناصبه السكرتارية في نوفمبر من عام 1512. وفي شهر فبراير التالي كان قد تورط في مؤامرة مناهضة لميديتشي بقيادة بيترو باولو بوسكولي، وأوغسطينو كابوني، والذي  كان يتبعه بخطى حثيثة نحو المقصلة. لقد سجن وعُذِّب في البارجيلو، ولقد نفي إلى ملكيته الصغيرة في سانت اندريا في بيركوسينا، حيث كان يعيش على مضض حياة ريفية لا تخلو من ضنك وشدة، يمضيها بين تشذيب الأرض من نباتات الغاب، واصطياد طائر السمنة المغرد، ولعب الطاولة في الحانة القريبة، ويجلس بين الفينة والفينة لكتابة دراسته الشهيرة عن سياسة القوة. الأمير (أو، لنسمِه باسمه الصحيح، Dei principati – حول الإمارات)، لقد ظل يختمر في مخيلته لعشر سنوات قبل ذلك أثناء تلك المأموريات الخطرة في أرض بورجيا، والآن يتقطر ويزداد تركيزاً تحت وطأة مرارة التجارب الأخيرة. لقد كان ينوي أن يهديه إليه جوليانو دي ميديتشي، آملاً أنَّ الإشارة سوف تحيي رميم تمائم حظه- إنّه أمل ربما غذته الأخبار الجديدة بانخراط صديقه السابق ليوناردو دا فينشي في خدمة جوليانو الآن. 
كان ليوناردو على الأرجح في روما بحلول نهاية شهر أكتوبر من عام 1513. فإن كان قد أنجز جميع المهام المدرجة على قائمته المذكورة أعلاه، فقد وصل ومعه زوج من "النظارات الزرقاء". وإني أكاد لا أصبر على القول بأنّه وصل وهو يتردي نظارتين زرقاوين- صورة رائعة: ليوناردو يرتدي نظارات مظللة- بيد أنّها ربما كانت ذات طبيعة وقائية على الأرجح، لتستخدم في التجارب التي تجرى على المعادن الغريبة وهي واحدة من سمات الفترة التي قضاها في روما. 
لقد ورث جوليانو دي لورينزو دي ميديتشي من والده سحره الشخصي، بما في ذلك وسامته، وطوله الفارع وميله إلى حدٍ ما إلى الصوفيّة، ولكنه لم يرث عنه أياً من مذاهبه الدينامية في السياسة. وكان قد ولد عام 1479، وسمي تيمناً بعمه المغدور. نراه في عمر يناهز الخمس سنوات، في جصّية رائعة من أعمال دومينيكو غيرلاندايو في سانتا ماريا نوفيلا: صبياً ذا شعر بني قصير يلتفت لينظر إلى الرسام، ويقف بجانب شاعر أورفيو، اغنولو بوليزيانو النحيل الأشعث، والذي كان معلماً لأطفال لورينزو. ومن ورائه أخوه جيوفاني، يُرى في الجصّية صبياً ذا وجه مستدير وشعر ضامر أشقر، والملامح كانت بالفعل ترهص بسمات ملامح البابا المهرج التي رسمها رافائيل بعد خمسٍ وثلاثين سنة. 
كان جوليانو في الخامسة عشر عندما انقلبت الأمور ضد آل ميديتشي في عام 1494. فقد كان في المنفى ضيفاً على دوق أوربينو، وماركيز مانتوفا. وكما رأينا فمن الجائز أنّه قابل ليوناردو في مدينة البندقية عام 1500، وربما أعجبته صورة إيزابيلا دا ايستي غير المكتملة والتي كان ليوناردو يعمل عليها آنذاك، وربما طلب منه رسم بورتريه مشابه لليزا غيرارديني، التي كان يعرفها ويتخيلها في فلورنسا. الكثير من الاحتمالات، ولكنها قد تفسر السبب وراء وقوف ليوناردو أمام الموناليزا في فرنسا في 1517، واصفاً إياها بأنّها صورة "لسيدة فلورنسية، من الطبيعة بإيعاز من الراحل المهيب جوليانو دي ميديتشي". التفسير البديل هو أنّه كان هنالك إيعاز من جوليانو عندما كان ليوناردو معه في روما، وأنّها تحمل صورة واحدة من عشيقاته في تلك الفترة، ولكن لم تكن أي من المزاعم حول الجالسات في العريشة مقنعة. ومع ذلك فإنَّ اللوحة كانت موجودة فعلياً في روما، وقد كانت تلك بلا شك مرحلة رومانية من اللمسات والترميمات التي شكلت تحولاتها المتأنية إلى أيقونة اللوفر المعروفة. وربما في ذلك الوقت، وفي كنف جوليانو ورعايته، أعلنت قريبة اللوحة الطائشة- والمعروفة باسم "الجيوكندا العارية"- عن وجودها في مرسم ليوناردو. وقد كان جوليانو ضمن المحاورين في مؤلف كاستيليون "رجل البلاط"، والذي كان قائماً على حوارات في اجتماع "لأشخاص نبلاء وموهوبون" في قلعة أوربينو في مارس من عام 1507. وقد كتب الكتاب بعد وفاة الدوق جويدوبالدو دا مونتيفيلترو، في السنة التالية، وقد نال الكتاب حظه من التنقيح والصقل وإعادة الكتابة حتى نشره عام 1528، وقد أصبح في غضون كل ذلك رؤيا تتسم بالحنين إلى السمر المنزلي المثالي في عصر النهضة. كما ضم الحوار أيضاً بيترو بيمبو، ابن حبيب جنيفرا دي بينشي المتملق، ودوم ميغول دا سيلفا، الأسقف البرتغالي الذي أصبح لاحقاً واحداً من رعاة زرواسترو في روما. لقد أهدى كاستيليون الكتاب إلى دا سيلفا، مستحضراً بعض أعضاء مجتمع أوربينو الذين قضوا مذّاك، ومن بينهم جوليانو دي ميديتشي. " الذي كان العالم يستحق أن يستمتع لوقت أطول بطيبة قلبه، ونبله، وتهذيبه". وعلى ما يبدو فإنّ دا سيلفا وجوليانو كانا صديقين في روما ليو العاشر، حيث كان دا سيلفا ولعدة سنوات سفيراً للبرتغال، وربما حظي زورواسترو بالرعاية من خلال وساطته.
لم يكن لأحد أن يقول عن جوليانو شيئاً أسوأ من أنّه كان حالماً بعض الشيء. فلم يكن كفؤاً لقيادة القوات البابوية. لقد كان رجل بلاط أكثر منه جندياً، ودارساً هاوياً أكثر منه رجل بلاط. يصفه فازاري بقوله "دارس عظيم للفلسفة الطبيعية، والخيمياء بصفة خاصة"- تذكرنا الأخيرة بزرواسترو مرة أخرى، ولها تأثير على بعض تجارب ليوناردو التي قام بها في روما. صورة روفائيل له، التي ذكرها فازاري قد رُسمت حوالي هذا الوقت، ونسخة  متحف الميتروبوليتان، بمدينة نيو يورك، إما الأصل أو النسخة المعاصرة منها. وهنالك صورة مماثله له من ورشة آغنولو برونزينو- أو معمل صور ميديتشي بالأحرى- والتي نُفذت في أواخر خمسينيات القرن السادس عشر. ويظهر جوليانو في كلا العملين بهيئة تشبه إلى حد كبير ما كان عليه عندما انخرط ليوناردو في خدمته أواخر عام 1513: رجل أسمر ملتحٍ وفي أواسط العقد الثالث من العمر، وسيماً بطريقة يشوبها قليل من الانحلال، رجل في تهذيب الدارسين، وفي حالٍ صحية خطرة، لا تناسب كثيراً عباءة السلطة التي ألقيت عليه الآن.
والرابط الجديد أو المتجدد مع جوليانو يعيد ليوناردو إلى زمرة ميديتشي، فيشفي ذلك ما شاء له من حسرات ربما لحقته جراء تعاملاته مع لورينزو دي ميديتشي قبل ثلاثين سنة خلت. ووفقاً للشهادة المعاصرة لبينيديتو فارشي، فإنّ جوليانو قد عامل ليوناردو "piu tosto da fratello che da compagno" – "كأخ أكثر منه كصديق".  
وهنالك شعار لجوليانو سجله باولو جيوفيو ربما كان من تصميم ليوناردو. إنّه نسخة من الجذع الميديشي broncone mediceo، والذي يظهر فيه جذع مقطوع من اللاوري تنمو فيه براعم جديد، ولكن الشعار الغامض "GLOVIS" لم يكن موجودا في النسخ الأخرى. وعندما يُقرأ بالعكس يشير إلى "si volge" الشيء الذي يعني الدوران، أو تغيير الاتجاه، والذي يذكرنا بشعار آخر لليوناردو، " تلتفت الأفكار صوب الأمل." شعار ملائم لصعود ميديتشي من جديد في عام 1513، وربما لليوناردو في روما، وهو في مزاج تفاؤل: بداية أخرى جديدة.


------------------------------------------------
 ليوناردو دافنشي: رحلات العقل
تأليف: تشارلز نيكول
ترجمة: أميمة حسن قاسم
محاولة استعادة شيء من ليوناردو الإنسان هي مهمة هذا الكتاب- ذلك هو، ليوناردو الإنسان الحقيقي، الذي عاش في وقت حقيقي، وأكل أطباقاً حقيقية من الحساء، مقابل ليوناردو الرجل الخارق، متعدد التخصصات.
بتكليف ورعاية من الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي، وبدافع من حب المعرفة والسعي لنشرها  قامت القرية الإلكترونية بتوفير هذه النسخة من كتاب ليوناردو دافنشي: رحلات العقل | تأليف: تشارلز نيكول | ترجمة: أميمة حسن قاسم
وسوف نقوم بنشرها على حلقات تباعاً هنا في جوجل بلس نأمل أن تحوز إعجابكم وأن تكون مساهمة في #نشر_المعرفة
صفحتنا الرسمية في فيس بوك :
منصتنا في جوجل بلس لمتابعة باقي مشروعاتنا 
(جميع الحقوق محفوظة)

No comments:

Post a Comment