Showing posts with label Cinema. Show all posts
Showing posts with label Cinema. Show all posts

Tuesday, August 9, 2016

بين «منيرة» المهديّة و «أم كلثوم»




في مَجلس الوالد (أحمد خليفة السويدي)، في لندن، كنتُ قدْ أَفردتُ وقتاً للحديث عن كتابَيْ: «طوق الحمامة» لـ ابن حزم الأندلسي، وكتاب «رسالة الغفران» لـ أبي العلاء المعرّي.
وأبدى الوالدُ اهتماماً بِهما، واتسعتْ دائرةُ حاجته فشملت كتابين اقترحهما عليه، وذكرهما في حضرته: (عبد الله بن حمد العطيّة)، يعودان إلى عالم الاجتماع العِراقّي «علي الوردي» وهما: «وعّاظ السلاطين» و «دراسة في طبيعة المجتمع العراقي».
قال عبدالله: إنّهُ أعدّ دراسة عن تأثير المسيحيين العرب في الحركة الفنية -والسينمائية منها تحديداً- في الوطن العربي ، واشتمل حديثه على إنتاج أول فيلم في مصر، تصدّى له مُنْتِجٌ مصريٌ قبطيٌ اسمه «إبراهيم لاما»، وصل هو وأخوه الإسكندريّة، وأسّسا شركة إنتاج سمّياها «كوندور فيلم» "Condor Film"، وأنتجا (قُبلة الصحراء) وهو أولُ فيلم مصريّ صامت -على حدّ قوله-، ثم عرّج على «مُنيرة» المهدية وقال إنّها كانت تدير عروض مسرح المنوعات الذي كانت تملكه.
فقلتُ: إنّ مسرح «منيرة» المهدية الذي أطلقت عليه تسمية (نُزهة النفوس) وعُرف بين روّاده وفي الصحافة باسم (هَواء الحُرية) بدأ يعاني بعد الحرب العالمية الثانية، وكان ذلك تحديداً في عام 1948، عندما قررتْ العودة إلى المسرح بعد أنْ انقطعت عنه قرابة العشرين عاماً، فوجدتْ أنّ الساحة التي كانت تتجاذبها تيارات فنية متنوعة لم تُوفّر لها كرسيّا، فاضمحلّ مسرحها وتلازم ذلك مع صعود نَجم «أُم كلثوم»، وهبوط نَجمها بعد أن أسنّت وشارفت السبعين من عمرها.
وكانتْ قبل ذلك -وتحديداً في عام 1935- تعرّضت إلى هزّة كبيرة؛ عندما طلبت من (محمد عبد الوهاب) تلحين أغاني فيلمها (الغَندورة) الذي أنتجته ليكون قادراً على تأكيد مكانتها، واستعادة بعض بريقها، الذي بدأ يخبو، خصوصاً وهي التي كان يُطلق عليها سلطانةُ الطرب، وأول سيدة تقف على خشبة المسرح في مصر، وأول مغنية عربية سُجِلَت لها اسطوانات موسيقية.
ولكنْ لسببٍ ما، وضع عبد الوهاب ألحاناً تُناسبُ صوته هو، فكان فشل السلطانة ذريعاً ممّا فاقم الأزمة، وجعلها تنسحب من (نُزهة النفوس) الذي وطّد مكانتها، وكانت لها فيه اليد الطولى، لاسيما وأنّها كانت تؤدي فيها أدواراً لشخصيات رجالية أيضاً، فنبذت الفن وانقطعتْ إلى تربية الحيوانات الأليفة حتى وفاتها في عام 1965.
وهو الأمر الذي جعل أم كلثوم تُحجم عن تكليف عبد الوهاب بوضع ألحانٍ لها، ومكثتْ متوجسة خيفة منه حتى لا يلحقها مصير «المهدية»، واستمر ذلك طيلة 40 عاماً، حيث كانا قد اجتمعا لأول مرة عام 1925 في منزل الوجيه/ محمود خيرت -جد الموسيقار عمر خيرت-، حتى حلول عام 1964 عندما تدخل الرئيس المصري/ جمال عبدالناصر، وجمعهما لأول مرة في عمل واحد أطلقوا عليه (لقاء السحاب) فوضع لها أول ألحانه: «أنتَ عُمْري».

Tuesday, April 19, 2016

الأسى اللاتيني وسلالة أوكتافيو باز



متُرى هل هذا هو الردّ الحضاري والإنساني العميق على حملة ”دونالد ترامب“؛ الذي يريد أن يبني سوراً بين الولايات المتحدة والمكسيك على أن تدفع المكسيك كلفته؟! وكان جاهر ببناء أسوار أخرى بين أميركا "البيضاء" والمسلمين والسود والمرأة وأعراق الهسبنانيكس -من أصول أميركية لاتينية-.
لا أجزم، لكن ما أعلمه أن أمريكا لا تهتمّ بالأصول والأنساب التي تشكّل نسيجها المجتمعي، فهي تفخر بأن هذا الخليط من الأمم هو ما يُكوّن الشخصية الأمريكية، مثلما لم تعد الكنيسة الإنجليزيّة تحفل؛ إذا ما كان أسقف كانتربري ابن أبيه أو أنه صافي النسب! الرد في تقديري جاء من ”اليخاندرو إناريتّو“ وكأنه أراد أن يوجّه في فيلمه الجديد ” The Revenant“ أو "العائد" رسالة بطريقة ما للمتعصبين الأمريكيين (رد نكس) -أي الرقاب الحمر-، إذ بدا جلياً أيضاً أن نجوم هوليوود تضامنوا معه.
أكاد أقول أن الفيلم خطاب (Discourse) مكتمل العناصر.
وجدت نفسي أضع الفيلم في هذا الإطار، وأعيد مشاهدته من هذا المنظور.
فقصة الفيلم تسلط ضوءاً على أولئك القوم الأوائل الذين وفدوا إلى القارة الأمريكية من كل حدبٍ وصوبٍ؛ أوروبي أساساً، جمعتهم في جغرافياتهم الجديدة -كما يحكي الفيلم- الأمية والخمول والفوضوية والوحشية التي وُسِموا بها
اختار ”اليخاندرو“ الطبيعة بوحشيتها وبدائيتها كخلفية أو كموازٍ يعكس قسوة أولئك الرجال الذين جاءوا من أجل تقطيع غابات العالم الجديد، وقتل وحوشه للظفر بفرائها التي كان الطلب كبيراً عليها في أوروبا.
وكانت تلك طريقتهم في تحصيل الأموال، كما كانت السبب في معاملتهم الوحشية والقاسية لأهل البلاد والسكان الأصليين.
رُصدت للفيلم ميزانية بنحو 95 مليون دولار، لكنها ارتفعت لتبلغ سقف 135 مليوناً.
إنه من الأفلام التي تنمو في محيط من المشاكل والمعوّقات التي تفرض عليها شروطاً جديدة غير متوقعة.
فمن المفارقات التي لم تكن في حسبان أحد أن مناطق شمال كندا وشرقها (بريتش كولومبيا) التي جرت العادة على تصوير أفلام على شاكلة "العائد" فيها، لم تثلج في هذه الفترة من العام ما يكفي لتصوير أحداث الفيلم، فتم نقل موقع التصوير إلى مكان قاسٍ وناءٍ في الأرجنتين.
كان ”اليخاندرو“ يعلم -كما يقول- أن التصوير سيكون شاقاً، إلا أنه مع بدء العمل اكتشف أن الامر أكثر مشقة بكثير مما توقّع.
الفيلم مأخوذ عن رواية وضعها الكاتب الشاب ”مايكل بونك“ عام 2002 بالعنوان نفسه، وتدور أحداثها عن سنة 1823 في براري





أربع ولايات أميركية؛ هي وايومينغ ومونتانا ونبراسكا وداكوتا
بطلها تاجر فراء اسمه هيو غلاس (ديكابريو). رجل يكابد خداع الإنسان ووحشة الطبيعة وقسوة الطقس وهجوم الدببة.
يبدأ الفيلم به وهو يقع تحت براثن دب جامح ينصرف عنه مجروحاً بما يقعده عن الحركة موشكاً على الموت.
يكتشف وجوده رجلان وهو يصارع الموت فيسرقان منه السلاح والمؤونة ويتركانه لمصير مجهول بعد أن قتلا ابنه، فكان عليه أن ينتقم منهما بعد أن تركاه يواجه مصيراً قاتماً.
يعزف الفيلم عزفاً رقيقاً على وتر عاطفي يستمر طيلة معمار الفيلم وبنائه الدرامي، ونرى مثالاً لذلك في المشهد الذي يخاطب فيه غلاس ابنه الهندي الذي كان رزق به من زواج سابق بامرأة من الهنود الحمر: "اسكتْ، إنهم لا يريدون سماعك، بل معرفة سحنتك".
إنها جملة مفتاحية في الفيلم، وأراها تلخّص موقف المكسيكيّ من الأمريكي وعقدة الأعراق، وعنصرية الرجل الأبيض. إنه مشهد لا يمكن أن نجد له مرجعية في مكونات العقل الأمريكي بمشاعره التي تميل غالباً إلى الحياد، لقد كان الحوار حالة مكسيكية بامتياز، بمعنى أن الأسى الذي أفصح عنه المشهد كان أسى مكسيكياً، وهذا ما فتح لي بعضا من مسالك "متاهة العزلة" لأكتافيو باز.
هنا قرأ باز الشخصية المكسيكية؛ انطلاقاً من ثورة زاباتا عام 1910، مروراً بكل التحولات الاجتماعية والثقافية؛ التي استبدلت الثقافة الكولومبية المسيطرة منذ عقود، بثقافة مكسيكية هي في حد ذاتها في مواجهة مع ثقافة الولايات المتحدة، والتي أوجدت الشخصية المكسيكية التي تعيش جدلية العزلة والانفتاح
لقد تماهيا ببراعة حتى تمكنا من استدراجي إلى مناخات الثقافة الأمريكية اللاتينية، التي أفرزت في القرن الأخير حالة إبداعية متكاملة، وعلى مستويات عدة من السرد إلى التشكيل فالسينما.





وها أنا اليوم بمواجهة تاريخ لاتينيّ من الأسى تمكّن صاحبه المتألق من الظفر بجائزة "أوسكار". إنّ فهم اليخاندرو يوجب بالضرورة فهم الشخصية المكسيكية، وهو أمرٌ يحاول أن يجعلنا نتعرّف عليه في مجموعة من الصراعات الوجودية طيلة أحداث الفيلم. حتماً اليخاندرو امتداد لأوكتافيو باز بثقافة بصرية. وعلى الجانب الآخر، نجد شخصية الأبيض -العنصري والمقيت والقاسي- وقام بدوره ببراعة كبيرة الممثل توم هاردير -الأمريكي الصرف- في مشهد يتحدث فيه فجراً، يقول: "تعرّف أبي على مجموعة من قطاع الطرق، وكانوا لا يكلّون من غاراتهم المتواصلة، وذات يوم فُجع أبي بقتلهم جميعاً، وممّا زاد من محنته أنه تم السطو على الخيول، فزحف وكان الجوع قد أمضّه، ونال العطش منه، إلى أن بلغ هذه الغابات، وهنا شعر بوجد صوفي وإيمان عميق، فلقد اكتشف أن الرب كان سنجاباً، بل سنجاب سمين، فقرر أن يقتل (ابن الكلبة)، ولم يتوان، فلقد قتله وأكله.
هذا المشهد جعلني أستدعي فيلمه الآخر "21 غرام" ومشهد جاك غوردن والقسّيس، فلدى اليخاندرو كوامن ثورة على تديّن المكسيكيين، فالمكسيكي بطبيعته مؤمن وقدري ومسلّم. إنه لا يكتم ثورته على ثقافة التسليم التي تطبع الروح المكسيكية. هناك أفلام تأخذك إليها بجغرافيتها، بل تجعلك مأخوذاً بها، وهذا الفيلم كانت الطبيعة فيه تنطق بلسان فصيح، فلقد شعرتُ أن هناك حواراً مركّباً؛ واحدٌ من فعل الطبيعة وعملها، والآخرُ هو حوار الشخصيات في الفيلم.
كانت موسيقى الياباني رويتشي سكاموتو، والتي رُشّحت لجائزة "غولدن غلوب" تُفاقم فعل التأمل تارةً، وتدفع الروح القبلية البدائية تارةً أخرى، فتؤجج الصراعات بين إنسانية الهنود وأصالتها ودموية المستَعمِر الأبيض وعنفه الاستيطانيّ. لقد حملتني بخفة كائنٍ لا يُحتمل إلى موسيقى فيلم "طريق الحرير" التي وضعها الموسيقار الياباني كيتارو. لأليخاندرو مشاهد يكررها في جميع أفلامه الخمسة التي سبقت هذا الفيلم؛ مشهد شان بن، وهو على وشك الاعتراف لناعومي بأن "القلب الذي يحمله هو قلب زوجها". وهنا تتصاعد الدراما في أقل من دقيقة، فتنتقل من الهدوء والسكينة إلى الصخب والجلبة. كرر الأمر ذاته في مشهد "بيردمان" في لقطة لمايكل كيتون، واضطراره السير عارياً في محفل من الناس.
في مشهد المطاردة في فيلم "العائد" حينما أفاق غلاس على قبيلة من الهنود الحمر تطارده، كان قبل ذلك سادراً في حلمه، فاستيقظ على هزيم البنادق ودخانها، لينطلق على ظهر حصانه هارباً، قبل أن يسقطا في هاوية عميقة.
حاز ديكابريو على جائزة "أوسكار" عن دوره في هذا الفيلم، وقد استحقها بالجدارة ذاتها التي كان يستحقها فيها غريمه في الفيلم (توم هاردي). فمنحت "غولدن غلوب" لهما جائزتي أفضل ممثّل وأفضل ممثل مساعد على التوالي، وكان حرياً بجائزة "أوسكار" أن تركض إلى الممثل المساعد برجليها.
لقد أصبحت عائدات الممثلين مجنونة، وكانت إلى سنوات قليلة تمثّل ميزانيات لأفلام ضخمة، فلقد بلغت في أحيان ليست قليلة ثلاثين مليون دولار أو أكثر.
لقد أراد ”ديكابريو“ أن يردّ الدَّين للمشاهد، فأكل وهو النباتي سمكة كانت لا تزال تنبض بين يديه، وأكل كذلك كبد ثورٍ أمريكيّ. وتعرّى في قسوة الشتاء ليدخل بطن حصان اتقاءً للبرد، وقبل ذلك تعلم إحدى لغات الهنود الحمر التي خاطب بها ابنه في الفيلم، وقام بالعديد من الأفعال التي لم يعتد عليها الممثلون، فهو من القلة التي تتميز بالقيام بما لا يخطر على بال؛ من أجل البلوغ بالدور إلى أقاصي غايته.
ولا يفوتني أن ألفت لظاهرة قلّما حدثت وهي فوز مخرج في عامين على التوالي بجائزة الأوسكار، ولكنّه لم يحدث قط أن فاز مصوّر كأيمانويل لوبزكي المكسيكيّ بجائزة "أوسكار" للتصوير لثلاثة أعوام على التوالي عن فيلم "غرافيتي" (جاذبيّة) و"بيردمان" (الرجل الطائر) و"ريفرنت" (العائد).
لقد دخل المكسيكيّون على ”ترامب“ بلاده من الباب العريض.

Wednesday, March 30, 2016

Aleppo..Maqams for Pleasure


Translated by:Tariq Alashair
My friend, the renowned Syrian filmmaker (Mohammad Malas) presented me with work papers for a variety of projects he was planning to implement. From among all of those projects I chose the documentary film project about the veteran artist (Sabri Moudallal). At the time it did not occur to me that his departure was imminent. At the time no one ever attempted to conduct any work about this original artist and his marvelous ancient city, the same city that Poet (Abu at-Tayyib al-Mutanabbi) made me become attached to more than one thousand years ago.
Thus this artistic journey with (Sabri Moudallal) began. He was a man of genial and gentle character, sober and sweet voice, and a shining memory.
The viewer will notice that the memories film arrives at numerous stops and meets with many figures, starting with the Call for Prayer (Athan) that Haj Sabri performs using his melodious and strong voice, moving back and forth between five musical Maqamat (Assemblies) including the Qudud Halabiya (means musical measures of Aleppo), Andalusi poems (muwashahat), and religious songs.
Haj Sabri began his artistic career by signing with one of the “Mawlaw'īyya Sufi” band known among the people as “Milwiyya”. The film presents a wonderful scene from one of the band’s Sufi breathtaking dances that elevates the audience’s soul to the skies of ecstasy, purity and amazing beatitude.
This cinematic work comes to emphasize the glorious and charming side of the past when the sky and the earth meet, much like Sufism meet dances and songs, love with work and goodness with beauty in a harmonious and unified human whole away from intolerance, isolation and death. The viewer’s feelings will melt into this sublime art, especially when the camera shows the city of Aleppo at the end of the film with its castle, popular neighborhoods, monuments and markets. But it is impossible for us to forget that today our eyes can only see a devastated historical city, one that occupies a special place in our national, literary and architectural history. My heart is in pain to see this ancient city in such a condition. The hand of destruction has affected everything that is beautiful and original in this place, and what remains is this film which reflects the originality and uniqueness of the city.