ليوناردو دافنشي: رحلات العقل
10-حديقة ليوناردو
أصبح ليوناردو في عام 1497 مالكاً لقطعة من الأرض، فيها أشجار عنب. كانت القطعة خارج بورتا فيرسلينا، بين سكن الرهبان وكنيسة الغريزي ودير سان فيتوري. وفي الحقيقة لم يكن هذا هو العقار الأول الذي يقتنيه ليوناردو- عدا ذلك الرهن الثقيل في فال دا إيلزا الذي ورد في عقد لوحة التبجيل- ولكن كان هذا ملكه دون أي شك، وقد كان في حوزته حتى الوقت الذي كتب فيه وصيته بعد خمسة وعشرين عاماً. وفي تلك الوصية وصفه بالحديقة التي امتلكها خارج أسوار ميلانو. كذلك كان يذكرها، بينما تستطيل الظلال حوله في فرنسا: حديقته.
لقد كانت منحةً من لودوفيكو. ولم ينجُ أيُّ سجل لعملية نقل ملكية الأرض إليه، ولكن التأريخ يظهر في وثيقة لاحقة يتعلق بملكية مجاورة. وفيه – عقد بين محاميي الأسمر وأرملة تدعى إليزابيتا تروفامالا- إشارة إلى كرم ليوناردو الذي منحه إياه الديوان الدوقي قبل أربعة عشرة شهراً، ولقد كان العقد في 2 أكتوبر 1498، عليه فحيازة ليوناردو للكرم تبدأ من أول أغسطس 1497. ويتزامن هذا الوقت مع إنهاء لوحة العشاء الأخير تقريباً.
تبلغ مساحة الأرض حوالي 16 بيرتيكي. والبيرتيكا (القصبة) في الأصل مشتقة من القصبة الإنجليزية المستخدمة في القياس لكنها أكبر منها حجماً. ووفقاً لليوناردو فهي كانت تعادل 1.936 ذراعاً مربعاً. وقيمة الذراع ليست دقيقة- وقد كان الذراع الميلاني أطول قليلاً من الذراع الفلورنسي- ولكن بشكل تقريبي فإنّ الكرم يفوق الهكتار في المساحة، أو ما يقارب ثلاثة أفدنة بالمقاييس الإنجليزية، وهي بذلك حديقة ريفية بمساحة واسعة. ووفقاً لدراسة لوكا بيلترامي الكلاسيكية بعنوان "كرم ليوناردو (1920)"، فأبعادها على التقريب كانت 200 متراً طولاً، × 50 متراً عرضاً (220×55 ياردة)- طويلة وضيقة وهو شيء مألوف في مزارع العنب.
ولقد كانت توصف دائماً بكرم أو حديقة ليوناردو، ولكن لم يكن هنالك بيت على وجه التحديد أو أي بناء مثله فيها. وفي وثيقة من عام 1513 وصفت بعبارة "sedimine uno cum zardino et vinea"، والتي قد يترجمها وكلاء العقارات اليوم " سكناً منفصلاً بحديقة وكرم" وقد كانت في ذلك الوقت تحت إدارة سالاي: لقد كان يستأجر جزءاً منها مقابل 100 ليرة في السنة، بينما يخصص جزءاً من غرفها لأمّه الأرملة. إذن لقد كانت شيئاً أكبر من مجرد كرم أو عريشة نبيذ، بيد أنّها لم تكن بالضرورة كبيرة الحجم. وهنالك حديث حول أعمال بناء في الحديقة في عام 1515، ولكن ليس من الواضح إن كانت تعني بناء منزل جديد أو تجديدات في المنزل الأصلي.
ويدوّن ليوناردو في مذكراته وخرائطه مقاسات الطول والعرض الخاصة بقطعة الأرض الغالية خاصته:
من الجسر إلى وسط البوابة 31 ذراعاً.
ابدأ أول ذراع على اليمين من الجسر.
ومن ذلك الجسر إلى زاوية الطريق، 23.5 ذراعاً.
يغوص في متاهة من الوحدات المحولة- قطع أرض[particelli]، ومربعات[quadretti]، مثلها مثل القصبات والأذرع، ومن ثم إلى القيم والفروق في القيم. فهو يحسب قيمة الأرض ب4 سولدي عن الوحدة المربعة، وهو ما يساوي 371 ليرة للقصبة، فيخلص إلى 1931.25دوكات كقيمة كلية لملكيته. عمليات الجمع المتتابعة هذه- ثمرة فعلية للحساب الباكيولي- وهو ينقل إلينا اهتمام ليوناردو بالأرض كأحد الأصول المادية، التي توفر المال والأمان، شيء لا يستعصى على المرء تفهمه بالنسبة لرجل بلغ الخامسة والأربعين من العمر، بدون أن يكون له مسكن ثابت ولا دخل مستقر. كما يمكننا تقدير حب ليوناردو لها بالذات، لجمالها وهدوءها وخضرتها، وملاذها من الشوارع الضيقة في صيف المدينة.
تقع هذه القطعة جنوب الغرايزي، وراء صف المباني التي تمتد واجهاتها على طول الجانب الجنوبي للدرب الأحمر. وعندما كان بيلترامي يدرس المسألة قبل خمس وعشرين سنة، كان الكرم ما يزال هنا. أما الآن فما زال بإمكانك رؤية وتد أخضر رقيق، بتلك الخضرة المركزة لحدائق المدن، وبإمكانك أيضاً الاحتفاء بهذه النجاة الجزئية بوجبة في مطعم حديقة خضروات ليوناردو، في موضع كان يمثل الطرف الشرقي لحديقة الكروم. هذا الجزء من المدينة أصبح منطقة سكنية للنخبة البرجوازية الميلانية. العمارات السكنية الشامخة ذات الشرفات الكلاسيكية العصرية، وجو تسود فيه روح الوحدة.
يقع مشفى سان جوزيف، ودير سان فيتوري القديم بصوامعه الأنيقة على طراز عصر النهضة. ومن هناك يمكنك أن تنزل باتجاه كنيسة الغريزي، عبر جادة زينالي، حيث ترى طيف كرم على يمينك. يربط هذا الطريق بين الغريزي سان فيتوري، والذي بني أو تمت توسعته في 1498. وقد اختصت بعض الخرائط في مفكرات ليوناردو بهذا المشروع تحديداً. ربما زادت هذه التحسينات على الطريق من قيمة ملكيته: محفّز على الاستثمار.
لقد كانت المنطقة خارج بوابة فيرسيلينا مخضّرة ومحببة، وكانت تزدهر فيها أعمال التنمية في السنوات الأخيرة، خاصة المنازل والحدائق لأصحاب الوظائف الدوقية. وقد كان غلياتسو سانسيفيرينو من بين قاطنيها، وهو صديق لليوناردو وباكيولي، ويحتمل أنّه الراعي لأكاديميتهما. وقد حظت إسطبلاته بالشهرة- وبعض دراسات ليوناردو للاسطبلات والتي تعود إلى أواخر تسعينيات القرن الخامس عشر، ربما نفذت ضمن مشروع لتجديدها. ووفقاً لمؤرخ القرن السادس عشر آرلونوز دي بيلو غاليكو: " كانت هذه الإسطبلات جميلة ومتقنة الديكور، إلى حد أنّك سوف تصدق أنّ خيول مارس وأبولو معاً كانت تعيش هناك." وربما يشير إليها فازاري عند الكتابة حول بعض جداريات برامانتينو، " خارج بوابة فيرسيلينا، وبالقرب من القلعة، قام بتزيين أحد الإسطبلات، وقد أصبحت اليوم أطلالاً بالية. لقد رسم بعض الأحصنة وهي تُدرَّب، وكان واحد منها ينبض بالحياة جداً، إلى حد أنّ حصاناً آخر ظنّه حقيقياً، وقام برفسه عدة مرات."
ومن العائلات البارزة الأخرى التي منحها الأسمر ملكية هنا؛ هي عائلة أتيلاني. وقد كان طريق فيرسيلي[الدرب الأحمر الآن] يمر من أمام منزلهم، والحديقة التي وراءه تلاصق كرم ليوناردو فتحدّه من الشمال. وقد زيّن المنزل لاحقاً بلوحات جصية على السقف من أعمال بيرناردينو لويني، تزخر (مثلها مثل غيرها من أعمال لويني) بالرموز الليوناردية، التي تنتمي إلى بدايات القرن السادس عشر، عندما كان منزل آل اتيلاني مركزاً لواحدة من أكثر المجتمعات المثقفة تميزاً في ميلانو.
وتشير إحدى ملاحظات ليوناردو إلى بعض الجيران في هذه الضاحية الراقية: " فانجيلستا" و" السيد ماريولو". وإنّه لمن المشجع على الظن أنَّ الأسم الأول يشير إلى زميله المتوفي إيفانجلستا دي بيرديس، ولكنْ لا يبدو أنّه هو. " السيد ماريولو" هو ماريولو دي غيسكاردي، أديب ميلانيّ رائد، وربما تضمنت سلسلة الخرائط المعمارية التي اشتملت عليها مخطوطة اتلانتكس على مواصفات بخد العميل نفسه- منها تلك التي تشير إلى عمل ليوناردو على قصر غيسكاردي المعنيّ بالعبارة:"حديث البناء ولم يكتمل بعد" في ذات المخطوط وبتأريخ 1499:
نريد ردهة طولها 25 ذراعاً، وحجرة حارس لنفسي، وغرفة ملحق بها غرفتان لزوجتي ووصيفاتها، وفناء صغير.
بند، اسطبل مزدوج لستة عشر حصاناً بغرفة للتجهيد.
بند، مطبخ ملحق به مخزن لحفظ اللحوم
بند، غرفة معيشة بطول 20 ذراعاً من أجل الموظفين.
بند، غرفة واحدة.
بند، مستشارية [مثل المكتب].
وقد كانت ملاحظات ليوناردو نفسه تكشف عن متطلبات العملاء الأغنياء والمحجاجين، وكذلك عن حساسيته المفرطة.
حجرة الخدم الكبيرة يجب أن تكون بعيدة عن المطبخ، وبالتالي لا يسمع صاحب البيت لغطهم. وليصبح المطبخ مكاناً أكثر مواءمة لغسل الأواني القصديرية، والتي قد لا ترى وهي تُنّقَّل من مكان إلى آخر داخل المنزل.
مخزن اللحوم، ومخزن الخشب، والمطبخ، وخنّ الدجاج، وقاعة الخدم؛ يجب أن تكون متجاورة فذلك أدعى للراحة. والحديقة والاسطبل وأكوام السماد؛ يجب أن تكون قريبة من بعضها البعض.
يجب أن تكون لسيدة المنزل غرفة وقاعة منفصلتين عن قاعة الخدم...[ملحقٌ بها] غرفتيان صغيرتان مجاورتيان بجانب غرفتها، لتكون إحداها للخادمات، والأخرى للمرضعات، وعدد من الغرف الصغيرة لأدواتهنّ.
يمكن أن يُقدم الطعام من المطبخ عبر نافذة واسعة ومنخفضة الارتفاع، أو على طاولات بدواليب.
يجب أن تكون نوافذ المطبخ أمام مخزن المؤن حتى يتسنى تناول خشب الوقود عبرها.
أود أن يكون إغلاق المنزل بكامله من خلال باب واحد.
وهذه التفصيلة الأخيرة تذكرنا بتصميم لمنزل في مخطوطة باريس ب، ضمن مباني "المدينة النموذجية"، في الملاحظة القائلة: اغلقْ باب الخروج المعلّم بالحرف m، وبذلك ستكون قد أغلقت المنزل بكامله." وهذا الشيء عمليٌّ من الدرجة الأولى ولكنه أيضاً يشير إلى ميول ليوناردو القوية للسرية والخصوصية- الاستغلاق المحكم في العالم الداخلي.
وقد كان ليوناردو داخل حديقته هو الرجل الوحيد. فهو يقيس حدودها، ويتفحص كرومها، ويجلس تحت أشجارها الظليلة ويخطط لإصلاحات سوف لن يجد الوقت ليقوم بها. إنّه يصنع الخزف. وفي القلعة، كما لو كان يحتفي بمزاجه الرعوي هذا، فهو أيضاً يصنع حديقة من نوعٍ ما- كوخ قاعة المجلس الريفي الخيالي الرائع.
وفي مزاج حسنه بعد وفاة زوجته أثناء المخاض في يناير 1497، بدأ لودوفيكو في إعادة الجناح الشمالي من القلعة ليكون منتجعاً خاصاً. كانت قاعة المجلس في الطابق الأرضي من البرج الشمالي، وقاعة الألواح، سميت كذلك لأنّها كانت تحتوي على ألواح خشبية بها صور أعيان عائلة سفورزا على طول الجدار. وتؤدي هذه القاعة إلى غرفتين أصغر حجماً حملتا اسم "الحجيرتين السوداوين"، اللتين تضفيان المزيد من الجاذبية للمكان، ولكن الآن تمتد الصالة المتداعية الآن عبر خندق القلعة.
كان ليوناردو يعمل هنا في 1498، كما ورد إلينا من التقارير التي أرسلها غوالتيرو باسكابي أمين خزينة الدوق- السيد غوالتيري الذي يظهر حاملاً رداء الأسمر في رسم رمزي من عمل ليوناردو.
20 أبريل 1498- تم تنفيذ الحجيرة السوداء وفق توجيهاتكم ... وهنالك اتفاق بين السيد امبروزو [ المعروف أيضاً بمهندس الدوق امبروجيو فيراري] والمعلم ليوناردو، حتى يكون كل شيء على ما يرام، ولا يتم إهدار أي وقت قبل إكمالها.
21 أبريل 1498- سيتم إخلاء قاعة المجلس الكبرى يوم الاثنين. يعد المعلم ليوناردو بإنهاء جميع الأعمال بحلول نهاية سبتمبر.
إذن فليوناردو كان يضع لمساته الأخيرة على الحجيرة السوداء في أبريل 1428، وكانت قاعة المجلس تعدُّ له ليبدأ العمل عليها فوراً. لقد تعهد "بإكمال جميع الأعمال" بحلول نهاية سبتمبر: أي خلال خمسة أشهر.
جزء من جصّية قاعة المجلس
سقف قاعة المجلس المجصّص هو كل ما تبقى لنا مما نفذه ليوناردو كمصمم ديكور داخلي لآل سفورزا. لم ينج من عمله في قصر فيجيفانو الصيفي في 1494، أو في مخادع بياتريس سفورزا- غرف تغيير الملابس- في 1496، أو في "الحجيرة السوداء" التي كان يقوم على تلوينها قبيل شروعه في العمل على قاعة المجلس. لقد ابتدع ليوناردو في هذه الغرفة الواسعة الكئيبة رغم نوافذها الطويلة فانتازيا مذهلة، وسحر أخضر.
أثار كثيفة لفروع متشابكة تغطي الجدران والسقف، فتوحي بعريشة ريفية داخلية مورقة، وحبل ذهبي من الأوراق اللامعة له تعرجات واستدارات وعُقَد. وبدون شك كان جي. بي. لوماتسو يصف هذه الغرفة عندما يقول: " يجد المرء في الأشجار اختراعاً جميلاً لليوناردو، جاعلاً الأغصان كلها تنتظم في أنماط عقدية عجيبة، وهو أسلوب استخدمه بارامانتي أيضاً، الذي نسجها كلها معاً- تعليق يربط بين قاعة المجلس والنقوش العقدية المعقدة في "شعار" الأكاديمية، والذي أُنشِئت أصوله حوالي الوقت ذاته.
يتكون النقش من ثمان عشرة شجرة، تبدأ جذوعها من مستوى الأرض. بعضها يتشّعب أفقياً، وزوجين ينحنيان إلى الداخل ليشكلا قوساً مورقاً فوق نافذتي الغرفة، وثمان من الجذوع تتدلى إلى السقف المحدّب، فتتقارب على الكوة المركزية المعقودة بالذهب حاملةً ذراعي لودوفيكو وبياتريس المتماسكتين. وترمز الأشجار القوية إلى القوة والنمو الأسري لعائلة سفورزا(الشجرة ذات الجذور تبدو كشعار لسفورزا في اثنين من الحلى الدائرية في فيجيفانو)، بينما الخيط الذهبي الممتد بين الفروع ربما ينتمي إلى حلم نصر ديست، وربما إلى نقوش الأكمام الذهبية للسيدة ذات عقد اللؤلؤ، والذي ربما كان لوحة شخصية لبياتريس بريشة امبروجيو دي بيرديس.
الكرم: جزئية من خارطة ميلانو لهفناجل: تظهر فيها بوابة فيرسيلينا القديمة (البناء على شكل الزاوية القائمة إلى اليمين) وسانتا ماريا ديل غرازي (الأعلى). والطريق القطري في المركز هو جادة زينالي اليوم، يقع الكرم داخل المنطقة المسوّرة يمين الصورة.
لقد تم اكتشاف الجدارية المبهرة في عام 1893، عندما تمت إزالة الطبقة الثقيلة من البياض التي كانت تغطي الغرفة بكاملها آنذاك من واحد من الجدران. (ولا يُعرف من قام بتبييضها في الأساس، والسبب الذي دفعه لذلك.) وبتوجيه من لوكا بيلترامي (الذي كان حينها مشرفاً أعلى على الأشغال في القلعة) تم ترميم الديكور، وأُعيد فتح القاعة للجمهور في 1902. وقوبل الترميم بالشجب مذّاك- " وفي بعض الأحوال كان عملاً تخريبياً، بسبب ما كان يبدو مغالاة في الزيادات والإضافات. وقد أُزيل ما كان واضحاً من إضافات في ترميم لاحق (في 1954)، ولكن العلاقة بين ما نرى اليوم وما وضعه ليوناردو هناك تظل عصية على الإدراك.
والمنطقة التي أفلتت من مغالاة المرمم هي رقعة من الجدار الشمالي الشرقي، بجابن النافذة التي تفتح على الحجيرة السوداء من الخلف. وهو قسم ذو طبقة طلاء تحتية أحادية اللون، ويبدو أنّه غير مكتمل. يعتقد بيلترامي أنّه إضافة لاحقة، وأنّه قد غطي بلوح خشبي، ولكنه الآن يعتبر من عمل أحد المساعدين منفذاً فكرة تلقاها مباشرة من المعلم. وتظهر فيها جذور شجرة عملاقة ملفوفة بشكل قوي حول طبقة حجرية، والتي يبدو أنّها الأساس لمبنى قديم محطم. ويستحضر المرء هنا اسطورة ليوناردو حول الجوزة التي تحشر نفسها في شقوق الحائط ثم تنبت، " وبينما تنمو الجذور الملتوية لتصبح أكثر سمكاً فهي تبدأ في شق الجدران، وتجبر الحجارة العتيقة على مبارحة أماكنها. ثم الحائط نفسه، بعد فوات الأوان ودون جدوى، ينوح على من تسبب في دماره."
إن كان المقصود من هذا هو الإشارة إلى أن قوة سفورزا الراسخة، فسرعان ما تمنحها الأحداث معنىً آخراً. لقد كان الاحتفاء بالأسرة الحاكمة بهياً في الأوراق التي غطت قاعة المجلس، والتي كانت على وشك أن تنهار وتسقط، وتتداعى معها أقدار الكثيرين بما فيهم ليوناردو. لقد كانت هنالك فقرة سعيدة- اكتملت لوحة العشاء الأخير، وكان مشهوداً لها، وزملاء الأكاديمية، ومتع حديقته المطمئنة. يبدو أنّ ملامح ذلك الفيلسوف المغموم في جدارية برامانتي قد عرفت بعض السرور. ولكن الآن ثبت أن هذه الهدنة لم تكن بالطويلة، إذ أنّ مدينة ميلانو تلقت في مطلع عام 1499 أنباء بحشد الفرنسيين لقوات غازية بقيادة ملكهم الجديد لويس السابع عشر- دوق أورليانز السابق، والذي ضحك لودوفيكو قبل خمس سنوات خلت على ادعاءه الحق في دوقية ميلانو.
------------------------------------------------
ليوناردو دافنشي: رحلات العقل
تأليف: تشارلز نيكول
ترجمة: أميمة حسن قاسم
محاولة استعادة شيء من ليوناردو الإنسان هي مهمة هذا الكتاب- ذلك هو، ليوناردو الإنسان الحقيقي، الذي عاش في وقت حقيقي، وأكل أطباقاً حقيقية من الحساء، مقابل ليوناردو الرجل الخارق، متعدد التخصصات.
بتكليف ورعاية من الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي، وبدافع من حب المعرفة والسعي لنشرها قامت القرية الإلكترونية بتوفير هذه النسخة من كتاب ليوناردو دافنشي: رحلات العقل | تأليف: تشارلز نيكول | ترجمة: أميمة حسن قاسم
وسوف نقوم بنشرها على حلقات تباعاً هنا في جوجل بلس نأمل أن تحوز إعجابكم وأن تكون مساهمة في #نشر_المعرفة
صفحتنا الرسمية في فيس بوك :
منصتنا في جوجل بلس لمتابعة باقي مشروعاتنا
(جميع الحقوق محفوظة)
No comments:
Post a Comment