Saturday, June 25, 2016

نُبُوخذ في الجناح 106



 


 
تذكرت (محسن سليمان) وأنا أهمّ بسماع أغنية «فا بانسيرو" لــ «فيردي» من أوبرا « نابوكو» أي «نبوخذ نصّر»، في الجناح 106 الذي كان يسكنه «فيردي»، في فندق «جراند هوتيل دي ميلان»، وهي أغنية يؤديها الكورال وتُصَوِّر عصابةً من اليهود في الأسر وهم يؤدون أغنيةً في الحنين إلى الوطن.
كنّا في أحد النّهارات الرائعة في غنتوت عندما دخل (محسن) وقد شرع " الكورال" في الغناء.. فسألته: «لمن هذه الموسيقى»؟ فأجابني على الفور: «أليسوا على حظّ (اليهود) ليكتب لهم «فيردي» هذه الأغنية الرائعة».
ثمّ فتح لنا (محسن) حقيبة الذكريات عن الأوبرا الإيطاليّة وعن «فيردي» تحديداً، تذكرت (محسن) عندما غنّى الكورال:
حلقي يا خواطري بأجنحة ذهبية؛
طيري واستقري على السفوح والتلال
حيث الدفء واللين والعبير
يوشي أنسام بلادنا الجميلة
حيي ضفاف الأردن
وأبراج جبل صهيون...
آه، يا بلادي كم أنت جميلة ومفتقدة!
وكم أنت غالية، وإن لم تكوني سعيدة!
آه، يا قيثارة العرافين النبويين،
لماذا تتدلين صامتة من أشجار الصفصاف؟
أشعلي الذكريات في قلوبنا من جديد
حدثينا عن الأيام الخوالي،
شيئا شبيها بقدر سليمان،
هبينا نواح الأسى؛
وليلهمنا الله ألحانا هادئة
لعلها تمنحنا احتمال آلامنا.
قال محسن: لم تكن المسألة الدينية جوهر ما يهم فردي في «نابوكو»، كان ما يهمه هو أن تلك الحكاية نصف التاريخية/ نصف الأسطورية أتاحت له أن يقدم موضوعاً (ميلودرامياً) يُزينه بموسيقى كانت من أروع ما كتب.
ولكن هل كان حقاً في إمكان أحد أنْ يتناول مثل هذا الموضوع في تلك الحقبة، وأن يظل في منأى من الأيديولوجيا؟.
مهما يكن من الأمر، فإنّ ما أثار الإعجاب يوم قُدِّمَتْ «نابوكو» في التاسع من آذار/ مارس م1842 في «سكالا ميلانو» للمرة الأولى، كان الموسيقى وليس الطابع الفكري - التاريخي للنص.
لقد كانت الموسيقى من القوة والتجديد حيث قيل دائماً أنّها هي البداية الحقيقية لمسار «فيردي» الموسيقي، حتى وإن كان كتب الكثير من قبلها.
أما من الناحية السياسية، فإنها قرنت لاحقاً بكونها دعوة إلى توحيد ايطاليا تحت راية «فيكتور عمانوئيل»، أكثر من أي شيء آخر.

No comments:

Post a Comment