Thursday, June 29, 2017

المسيح مخلّص البشر


«المسيح مخلّص البشر»
تقول لوحة تعريفيّة في (معرض المسيح) في المتحف البريطاني إن أقدم إشارة ذكرت المسيح وردت في كتاب يوسيفوس (93م) أي بعد عقود من وفاته:
"وفي ذلك الوقت كان يعيش يسوع، وهو رجل من رجال الدين إذا جاز أن نسميه رجلاً لأنه كان يأتي بأعمال عجيبة ويتلقى الحقيقة وهو مغتبط. وقد اتبعه كثيرون من اليهود واليونانيين، لقد كان هو المسيح".
ولكن هناك رأي مضاد يقول: هذا الكلام أو الثناء يراد به الزلفى للرومان واليهود وكان كلاهما يناصبان المسيحيّة العداء وهو مرفوض من علماء المسيحية ويعتقدون أن النص مدسوس على يوسيفوس.
وقصارى القول أن نكران المسيح كشخص لم يخطر على بال أشدّ المخالفين اليهود في ذلك العصر. وتروي الصور واللوحات التعريفية تطور المسيحية منذ ثورة الفتى اليهودي عيسى الذي لم يدر بخلده نشر دين جديد، بل تهيئة العالم لاستقبال الدمار المرتقب ويوم الحشر والكتاب.
وكان قد تنبأ باليوم الأخير وأعلن أنه سيحدث في فترة حياة الناس الذين يعاصرونه، وأنه هو من سيحاسب الأحياء والموتى. وانتظر الناس يوم القيامة بعد موت (رفع) عيسى زمناً طويلاً بفارغ الصبر، ولما لم يحدث ذلك فسّروه برحمة الله وصبره على عباده، لذا لم يعد يوم القيامة ركيزة المسيحية وحلت محل ذلك فكرة بولس القائمة على أن المسيح هو مخلص البشر لأن اليوم الأخير قد امتد إلى المستقبل البعيد. كانت الساعة تقترب من الثانية ظهراً فدعوت الصديقين إلى وجبة غداء في "حافظ" وهو مطعم إيراني شعبيّ في حيّ تقطنه بعض العائلات الإيرانية والعربيّة وكنت قد دعوت الأخ العزيز عباس مهاجراني ليشاركنا وجبة الغداء فاجتمعنا هناك في الثانية والنصف.
المخلّص
في صبيحة اليوم التالي الخامس والعشرين من أغسطس وصلنا عند افتتاح الأبواب وقصدنا المعرض الذي يحكي حياة المسيح مرة أخرى، ودوّنت بعض ما جاء في اللوحات التعريفيّة كما يلي: كان عيسى ثائراً على الكهنة اليهود لما آلت إليه حالهم من بذخ وتبذل، وهو الأمر الذي آلت إليه المسيحية ذاتها فيما بعد، وخاصة في روما العصور الوسطى، وكان قد تنبأ بنهاية العالم القريبة وانتهى الأمر بصلبه، هكذا تقول الرواية ولكنها لا تنتهي عند هذا بل تمضي بأن الرجل الذي لعب الدور الأكبر في بلورة هذا الدين بل تأسيسه عند علماء اللاهوت هو الرسول بولس. فبعد صلب المسيح وقيامته حسب الديانة المسيحية كان أتباعه يلقون التعذيب الشديد بتهمة الكفر، وقد ساهم بولس في السطو على الكنائس وفي اتهام أتباع المسيح بالزندقة وتعذيبهم وسجنهم. وفي رحلته إلى دمشق كما ورد في سفر أعمال الرسل جاء ما يلي:
"فبغتة ابرق حوله نور من السماء، فسقط على الأرض وسمع صوتاً قائلاً له شاول، شاول، (وهو اسمه بالعبريّة) لماذا تضطهدني؟ فقال من أنت يا سيد؟ فقال الرب: أنا يسوع الذي أنت تضطهده... وأما الرجال المسافرون معه فوقفوا صامتين يسمعون الصوت ولا ينظرون أحداً. فنهض شاول من الأرض وكان وهو مفتوح العينين لا يُبصر أحداً، فاقتادوه بيده وأدخلوه إلى دمشق وبقي ثلاثة أيام لا يُبصر. وليس في وسع أحد أن يعرف العوامل التي أحدثت هذه التجربة وما أعقبها من انقلاب أساسي في طبيعة الرجل. ولعل ما قاساه من التعب في سفره الشاق الطويل في شمس الصحراء اللافحة، أو لعل ومضة برق في السماء ناشئة من شدة الحرارة، لعل شيئاً من هذا أو ذاك كله قد أثّر في جسم ضعيف رُبما كان مصاباً بالصرع، وفي عقل يعذبه الشك والإجرام، فدفع بالعملية التي كانت تجري في عقله الباطن إلى غايتها، فأصبح ذلك المفكر الشديد الانفعال. وعندما عاد إليه بصره دخل مجامع دمشق وقال للمجتمعين فيها إن عيسى ابن الله. ومنذ ذلك الحين أمضى القديس بولس حياته كلها يكتب عن المسيحية ويدعو لها، فدخلها الكثيرون. وقد سافر كثيراً يدعو ويبشر ويقنع الناس بالإيمان. سافر إلى تركيا القديمة وبلاد الإغريق وسوريا وفلسطين. ولم يكن القديس بولس واعظاً موفقاً عندما كان يتحدث إلى اليهود. فكثيراً ما تعرضت حياته للخطر، ولكنه نجح في تبشيره بالمسيحة بين غير اليهود، حتى وصفوه بأنه داعية الأمميين أي غير اليهود. ولم يستطع أحد أن يقوم بمثل هذا الدور من قبله أو من بعده. وترجع شهرة القديس بولس إلى تبشيره بالديانة المسيحية. وإلى ما كتبه عنها، وإلى تطويره لأصول الشريعة المسيحية. فمن بين السبعة والعشرين سفراً من كتاب "العهد الجديد" نجد أن القديس بولس قد ألف أربعة عشر سفراً. لقد أثار القديس بولس الكثير من الجدل حيث يتهمه البعض بأنه خالف ناموس موسى وغيّر فيه بما لم يقل به المسيح نفسه أثناء وجوده بين اليهود، ولكن المؤمنين به يعتبرونه رسولا يجب اتباعه ومثلما نجد الكثير من مؤيدي القديس بولس نجد من وسط علماء المسيحية أنفسهم من يعارضه معارضة شديدة.
لقد شعر بولس أن موت المسيح قد خلصه من تفاهته، فلماذا لا يحدث ذلك للبشر الآخرين أيضاً فأعلن أن خطيئة آدم أن يولد البشر خاطئين ولكنهم يستطيعون الآن إلقاء الخطايا على المسيح الذي مات من أجلهم وبهذا يصبحون كاملين. ولم تعد المسيحية بعد بولس "خلص نفسك" وإنما صارت "دعني أخلصك"، ولذا أطلق برناردشو عليها الصليبيّة بدل المسيحية ولقد قتل بولس بقطع رأسه بحد السيف لتبشيره في مدينة روما سنة 64 ميلادية بأمر الإمبراطور الروماني الذي صلب أيضاً الرسول بطرس (أحد الحواريين الإثني عشرة) في الوقت ذاته.
وللحديث بقيّة
#محمد_أحمد_السويدي

No comments:

Post a Comment