http://www.electronicvillage.org/mohammedsuwaidi_publications_indetail.php?articleid=544
«المتنبي» يزور «بوشهاب»
أثناء جولتنا في «الريجنت» في صباح أنيقٍ ، ذكرت للوالد حكاية زيارتي والصديق/عبد المجيد مجذوب، للشاعر/ حمد بوشهاب -رحمه الله-، في منزله في دبي، وكان من أشد المعجبين به، وقلت سأجعلها مفاجأة سارة له، ولكنني لم أجده في البيت فهاتفته، وقلت له: أنا وأبوالطيّب المتنبي في انتظارك، فسرّ سروراً كبيراً وجاء على وجه السرعة، ولمّا حيّاه عبد المجيد بلهجته اللبنانيّة، طلب منه راجياً الحديث بلسان أبي الطيّب، وأذكرُ أنّ عبد المجيد استأذن الشاعر أن يدخّن عقباً من السجائر، فرد (حمد) عليه بقوله: "لا يجرؤ أحد أن يدخّن - يا عبد المجيد- في هذا المجلس، ولكن لأجل خاطر المتنبي دخّن".
شهد الشاعر حمد بن سوقات لحظات سقوط الراحل (بوشهاب) بل تلقفه بيده عندما أصابته الجلطة وهوى، يقول بن سوقات: "كانت الساعة تشير إلى العاشرة صباحاً تقريباً، يوم الثامن من أغسطس، عندما وصل بو شهاب إلى قصر الشيخ زايد في جنيف، فسلمنا عليه وجلست معه نتحدث فكلمني عن أحواله، وعن العملية الجراحية التي أجريت له قبل سنوات لتغيير خمسة شرايين في قلبه.. وحمد الله أنه لا يشكو من شيء الآن. ثم ألقى علي قصيدة، وفعلت أنا كذلك، ثم دعينا إلى الحضور لمجلس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فجلست أنا قرب الشيخ تفصلني عنه طاولة، بينما جلس بو شهاب ليس بعيداً عنا، ثم وقف أمام الشيخ وتحدث عن سيرة الشيخ زايد منذ أن كان في العين، وعدد مناقبة وصفاته، واستدل على مواقفه النبيلة بأبيات شعرية كانت من أفضل السير التي سردها بو شهاب ودوّنها، وأظن أنه قرأ قرابة الثلاث صفحات بثبات ومن دون أن يتغير فيه شيء، ورأيته يجمع الأوراق بين يديه، واعتقدت أنّه سيتقدم بها إلى سمو رئيس الدولة، ولكنه وقع فجأة على الطاولة فتلقفته بين يدي وحملته وشعرت كأنّ روحه تفارق جسده، فاجتمع عليه الحضور ومددوه في وسط المجلس، وجاء رجال الإسعاف ودلكوا قلبه فلم يستجب، فاستعانوا بجهاز الصعق الكهربائي فاستجاب، وذهبوا به إلى المستشفى. ويقال إنه أصيب بنوبتين في أثناء نقله وهاجمته الثالثة في المستشفى، فبقي في الإنعاش حوالي عشرة أيام، لم يتحدث خلالها مع أحد حتى انتقلت روحه إلى بارئها في يوم التاسع عشر من أغسطس عام 2002م.
كان الوالد أحمد خليفة السويدي كثيراً ما يردد أبيات حمد بوشهاب من قصيدته في مدح الشيخ زايد -رحمه الله- عندما أعاد بناء سدّ مأرب وأوّلها:
حيّــاك يعـــرب عن بنيه وتبع ** وتحدثت عنـــك الجهــات الأربــع
وبقية الأبيات هي:
فإليــك مـن غرر النفائــس درّة ** عزّت مثيلتهــا على مــن يطمـــع
أوحى الضمير بها فجاءت وفق ** ما يهوى الصديق وفوق ما يتوقع
لا أبتغي من أجلها غُنمــــا ولا ** ثمنـــاً ولا مــالاً يســـاق ويدفــع
فالله أغـنانــا بواســــع فضلـه ** وإلى سحــائب عفـــوه نتطلــــع
يفنى الزمــان بقضّه وقضيضه ** والذكر لا يفنــى ولا يتزعـــزع
أوحى الضمير بها فجاءت وفق ** ما يهوى الصديق وفوق ما يتوقع
لا أبتغي من أجلها غُنمــــا ولا ** ثمنـــاً ولا مــالاً يســـاق ويدفــع
فالله أغـنانــا بواســــع فضلـه ** وإلى سحــائب عفـــوه نتطلــــع
يفنى الزمــان بقضّه وقضيضه ** والذكر لا يفنــى ولا يتزعـــزع
No comments:
Post a Comment