ندعوكم لقراءة حكاية «مُطوّف بالقوة»! من رحلة: الأيام المبرورة في البقاع المقدسة لــ محمد لطفي جمعة، سنة 1940م، وهي من مشروعنا كتاب #لبيك_اللهم_لبيك 365 صور ومشاهد من الحج، وهو كتاب يقدم رحلة الحج كتجربة إنسانية فريدة واستطلاع فكري ممتع، يعرض صوراً ومشاهدات من مشاهد الحج وعظّاته وطرائفه اختارها وقدم لها واعتنى بها الشاعر الإماراتي #محمد_أحمد_السويدي انتقاها من بين متون الرحلات المكية عبر ألف سنة.
كما ندعوكم لمشاهدة هذا الفيديو الذي اخترناه للراوي محمد الشرهان عن الحج والطواف قديماً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
«مُطوّف بالقوة»!
"ومن حوادث الإحرام أن مطوفاً اندس بين المسافرين ليضمن عملاء له قبل زملائه في جدة، وقد طبع لنفسه تذكرة باسمه وصنعته وعنوانه وصورته، ثم أخذ يغشى المجالس، ويلقن الناس بالإكراه صيغة التلبية كما لو كان امتحاناً أو استجواباً ويحتم أن ينطقوا وراءه.
وكان حاجٌ دبت بينه وبين المطوف عاطفة استثقال لظله فانصرف عنه ولم يرض أن يجلس منه مجلس التلميذ من الأستاذ، فخرج المطوف عن دائرة حلمه ونظر إليه مغتاظاً غيظاً لم يقو على كظمه، وأضاف إلى التلبية دعوة جديدة ( اللهم اجعلنا مسلمين مؤمنين) ولم ينقصه إلا أن يقول ( مطيعين للمطوفين وخاضعين) ، فدعا لصاحبنا الحاج الذى كره المطوف بالدخول في زمرة المسلمين لأنه لم يؤمن به كما لو كان نوحاً أو صالحاً.
ولا ينفر الحاج من المطوف أكثر من غريزة التطفل التى تتحكم في خلق المطوف، فيحسب كل حاج معدناً غير مصقول، أو مادة لم تتشكل ولن تفرغ إلا في القالب الذى يريده. وأعظم شيء في نظر المصرى أن لا يخضع للدليل الذى يعتبر عقله ورقة بيضاء أو لوحاً لم يمسسه قلم بكتابة سابقة، وهذا الذى شهدته في هذا المطوف الذى اقتحمنا وحاول غزونا قبل بلوغ الغاية وظن بعض الحجيج متاعاً توضع عليه اليد ويملك بالسبق وصيداً يظفر به ويحل له قبل دخول البيت الحرام، فكان خطؤه في سعيه إلى مصلحته أشد عليه من مصاولته ومجاولته، فنكبه مسلكه الصواب في بغيته، لأنه لم يعلم أنّ لكل وجهة من الجدوى مأتى تستنزل به عوائدها ويقرب معه ما استصعب منها ولو تعود حسن الرؤية لهداه لله إلى صالح التوفيق.
* الأيام المبرورة في البقاع المقدسة لــ محمد لطفي جمعة، سنة 1940م
*مصدر الفيديو : YOUTUBE
No comments:
Post a Comment