Saturday, December 29, 2018

ليوناردو ورهطه






ليوناردو ورهطه 
يقف نصب ليوناردو دافنشي بشموخ قبالة مبنى دار أوبرا الأسكالا في ميلانو، أشاهد المعلّم وتلاميذه، كان بوترافيّو النبيل تلميذ ليوناردو أكثر تلاميذ الأستاذ (المايسترو) موهبة، أماّ ماركو دي أوجيوني فقد كان له الفضل في بقاء لوحة العشاء الأخير حيّة، لا لشئ إلاّ لأنه نسخها مرارا، بينا راحت ألوان اللوحة الجداريّة تتفسّخ في دير القديسة ماريا ديللا جرازي -أي الرحيمة مريم- أثناء حياة ليوناردو نفسه، والآخر شيزاري دا سيستو كان يحاول عبثا محاكاة الأستاذ. وأخيراً سالاي الذي يقول عنه ليوناردو: الشيطان، والولد الوسخ، لأنه عمل لدى ليوناردو منذ كان في العاشرة، اي منذ نعومة اظافره، ولقد صوّره ليوناردو عاريا في لوحة باخوس، كما يزعم بعض الخبراء إنه هو الموناليزا ذاتها، وحده ملزي الذي غاب عن هذا الجمع، أتساءل لماذا غاب ملزي الذي أوصى له ليوناردو بلوحة الموناليزا وباقي أعماله الفنيّة، وبكل دفاتره، ومخطوطاته، ومختبره العلمي كذلك. أقف أمام التمثال المتواضع الصنع لليوناردو دافنشي الذي أنجزه بييترو ماني عام 1872م في ساحة الديللا سكالا وأقول كان الأجدر ان تعكف عليك انامل مايكلأنجلو (لو لم يكن خصمك) أو انامل بلليني. 
في غرفة دللي ايسي في الجناح الشمالي من قصر سفورزا الشامخ في ميلانو، كما في مطبخ الرهبان في دير القديسة ماريا ديللا جرازي تشعر بحضور طاغ لروح الفنّان ليوناردو دافنشي. ففي هذه الغرفة عكف ليوناردو على رسم الشجرة الراسخة الجذور، تلك التي جذرها في الأرض وفرعها في السماء، والتي تحاكي أصل الأمير لودفيكو سفورزا ومحتده. ففي 21 ابريل 1498 أُخليت هذه الغرفة ليشرع الفنان في انجاز مشروعه الجديد على ان يتمّه في خمسة اشهر، وهكذا كان. ولكن ما أن حلّ ابريل 1500م حتى كانت دولة آل سفورزا أثرا بعد عين. فلقد وافت المنيّة الأميرة بياترس وهي في فترة مخاضها في 3 يناير 1497، وامّا الأمير فقد اصبح أسيرا في قفص الملك الفرنسي لويس الثاني عشر في 10 ابريل 1500، يحكى انّه اقتيد من شعره وسط الحشود الساخرة في ليون، وسجن في قصر سان جورج في بري، ولمّا حاول الهرب قبض عليه، وحبس في جب الى ان توفي في 7 مايو 1508م في ظلام العزلة. اقف في قلب غرفة الديللا ايسي ويداي تتقرّيان بلمس جدار الغرفة، هنا تنفّس المايسترو خمسة شهور متواصلة، هنا وضع مخططات الرسم، هنا وضع الألوان، هنا رسم، هنا كان يبني جسرا للزمان بينه وبين من سيزور هذه الغرفة لمئات من السنين القادمة.

#محمد_أحمد_السويدي_مقالات

No comments:

Post a Comment