Thursday, May 25, 2017

البطين - من منازل القمر



http://www.electronicvillage.org/mohammedsuwaidi_publications_indetail.php?articleid=653

"البطين" من منازل القمر
ندعوكم للتعرف معنا على منزلة «البطين» من مشروعنا الجديد #منازل_القمر للشاعر والمفكر الإماراتي#محمد_أحمد_السويدي ، ونعرض هنا تباعا ًالثماني وعشرون منزلة التي ينزلها القمر كل عام، قوامها ثلاثة عشر يوماً لكل منزلة، عدا جبهة الأسد أربعة عشر يوماً، ما يجعل السنة 3655 يوماً تمثل التقويم الشمسي للعرب
البُطيْن:
من يوم 25 أيار (مايو) إلى 6 حزيران (يونيو)
تعريف
"البُطين" ثاني أنواء الثُّريَّا، وأول مَرْبَعانِيةِ القيظ، وسابع منازل الربيع، وثاني المنازل الشَّاميَّة، وطالعه في الخامس والعشرين من آيَّار (مايو)، ومدَّتُهُ 13 يومًا. يُعرف عند العامة بـ "بارح الحفَّار". و" مَرْبعانية القَيظ" (الثُّريَّا الثانية)، تبدأ في "البُطَيْن"، وتمتدُّ حتَّى "الثُّريَّا"، فـ "الدَّبَران"، وعدد أيامها تسعة وثلاثون يومًا.
و"البُطَيْن" تصغير بطن للتفريق بينه وبين "بطن الحوت" (في برج الحوت). ويُسمَّى كذلك "بطن الحمل"، و"الشَّرَطان" قرناه، و"الثُّريَّا" إليته. وهو ثلاثة كواكب صغار مستوية التثليث، كأنها أثافي القِدْر، واحد منها مضيء، واثنان خفيان يطلعان قبل المضيء‏.
وفي العلوم الفلكيَّة الحديثة، وما تُظْهِرُه صور المراصد، يبدو "البُطَيْن" نجمًا برتقاليًّا عملاقًا يَسبح في كوكبة الحمل، قدره الظاهري (4.35+)، وزمرته الطَّيفيَّة K0 lll b، يبعد 172 سنة ضوئيَّة عن الأرض. ولنجم البُطَيْن ضعفُ كتلة الشَّمس، وقطرُه 10 أضعاف قطرها.
لطلوع "البُطَيْن" تأثيرات مناخية واضحة عرفها العرب، واعتبروه شرَّ الأنواء وأنزَرها مطرًا، كما اعتبره بعضهم آخر المنازل مطرًا. فهو أوَّل القيظ، فيه يجفُّ العشب، وتنعقد الرياح الشَّماليَّة وتشتد، وتزداد الحرارة والسَّموم، خصوصًا في منطقة الخليج وما جاورها. وتستمر فيه من طلوع الشَّمس هبوب "البوارح"، وهي الرِّياح الشمالية الغربية المحملة بالغبار والأتربة، ويشتد عصفها تدريجًا مع اشتداد الحرارة، ثم تهدأ مع تسليم الشَّمس.
ومن مظاهره في الطبيعة، بدء احمرار حبات العنب واسودادها، وكذلك التِّين. ويتم الفراغ من حصاد الشَّعير، ويبدأ حصاد الحنطة والقطاني، وتكثر الفاكهة بالعراق والشَّام، وتتدلَّى عذوق النخل بعد مرور نحو شهرين على نهاية تأبيرها (تلقيحها). وفيه وفرة القِثَّاء، والخيار، والباذنجان، وتُجنى فيه باكورة البطيخ. وكأني بأبي الطيِّب المتنبي حين أراد شراء البطاطيخ الباكورة صادف ذلك عند نزول القمر في "البُطَيْن" وخروج البائع ببطاطيخه محمولة إلى التاجر، ودخول المتنبي في مشادَّة تاريخية معه.
وفي "الإمارات" يزهر طيفٌ من النباتات في منزلة "البُطَيْن" منها: "شوك الضَّب"، و"الحبن" (الدِّفْلى) الذي يؤثر الوديان الصخرية ومجاري السُّيول، و"الأشخَر" الذي يغسل في الصحراء الروح، و"الحرمل"، و"الخناصر" الذي تطيب له "شَعَمْ"، و"دبا"، و"خورفكَّان" نُزلا، و"الصُّفَيْر"، و"الخَرَزْ" الذي يتبع الملح ويتبعه الملح، و"شوك اليمل" (الجمل)، و"العرفج"، و"الحُبَاب" ذو الزهور البيضاء، و"الخُزام" ذو الحسب والنسب، و"العِشْرِج" و"الحُلول" اللذان يطلقان البطن، و"عين الوزَّة"، و"الجِعيدة" وتسمَّى كذلك"الريحانة"، وغيرها من النباتات.
في "البُطَيْن"، يركب الغوَّاصون البحر ويقصدون المغاصات لاستخراج اللؤلؤ. ويعتقد العرب أن الزَّواج فيه إيذان بموت الزَّوج قبل الزَّوجة.
يقول ساجع العرب: "إذا طلع البُطَيْن، اقتضَوْا الدَّيْن، وظَهر الزَّين، واقْتَفَى الصَّيادُ العَيْن، واعْتُنِيَ بالعطَّارِ وَالْقَيْنِ". ومعنى "اقتضائهم الدين" أنهم يطمئنون ويقتضي بعضهم بعضًا ما له وما عليه من دين. وقولهم "ظهر الزَّين" يراد أنهم عند التلاقي يتجمَّلون بأحسن ما يقدرون عليه. واعتناؤهم بالعطار وإصلاح القين (الحداد) من آنيتهم وآلاتهم.
وَرَدَ "البُطَيْن" في أشعار العرب كعادتهم في تأكيد أهمية القمر ومنازله على طبيعة حياتهم وممارساتهم اليومية والمجتمعية، فمِنْ شعرٍ لابن درَّاج القَسْطلِّي:
وتشرِقُ من مَبْدَا سُهَيْلٍ إلَى السُّها وتَعْبَقُ من مجرى البُطَينِ إلَى الغَفْرِ تَلأْلُؤَ مَا أَسْدَتْ أَياديكَ فِي يَدِي وتحبيرَ مَا أَعْلَتْ مساعِيكَ من حِبْرِي وفخرُكَ محمولٌ بحمدي فِي الورى وذِكرُكَ موصولٌ بذكرِي إلَى الحَشْرِ وللوزير المغربي: والحوتُ يطفو فإذا ما طفح الفجرُ رَسَبْ
والشَّرَطانِ الصَّوْلجانِ عند لَعَّابٍ دَرِبْ
ثم البُطَينُ بَعْدَهُ مِثلُ أثافيِّ اللَّهَبْ
كأنما الحادي لَهُ في صِحَّةِ التَّقديرِ أبْ
تَجْزَعُها مجرَّةٌ من قُطُبٍ إلى قُطُبْ
كأنَّها جسرٌ عَلَى دِجلةَ مُبْيَضُّ الخَشَبْ
وقال ابن ماجد:
ثُمَّ البُطَيْنُ وَهوَ يَبدو خَافِي  ثلاثةٌ تُشَابِهُ الأثَافي
وقال أبو الحسن الصوفي:
يَتْبعهنَّ أَنْجُمُ الْبُطَيْنِ ثَلاثَةٌ يفْتِنَّ حِسَّ الْعَيْنِ
خَفِيَّةٌ هي عَلى بَطْنِ الحمَلْ كأنَّها مُسْتَتِراتٌ مِنْ خَجَلْ
وقال القاضي التَّنوخي:
كأنّما الناطِحُ عَيْنَا شاخِصٍ  يَضْعُفُ عَن تَغْميضِها مِن الضِّيَا
كأنّما البُطينُ في آثارِهِ  طَالِبُ ثأرٍ عِنْدَ عَاتٍ قَدْ عَتَا
وقال سبط بن التعاويذي:
فَبِتُّ وَباتَت إلى جانِبي يَعُدُّ المَنازِلَ فيها كِلانا
تُريني البُطَيْنَ وَلَكِنَّني أُقارِضُها فَأُرِيها الزُّبَانَى
وكتب إخوان الصَّفا في رسائلهم عند نزول القمر في "البُطَيْن": "اعملْ نيرنجات (طلسمات السِّحر) العطف والمحبة بالملوك والسوقة والإخوان ومن أحببت من الرجال دون النساء خاصَّة. وادخلْ فيه على الملوك، واسعَ في حوائجهم، واتصلْ بهم، واستفتحْ المودة بينك وبينهم. ولا تتزوَّج فيه ولا تشترِ ولا تلبسْ الجديد من الثياب، فمن لبس فيه ثوبًا جديدًا يُخشى عليه من السِّل. وازرعْ فيه ولا تكتلْ، فمن اكتال في هذا اليوم غلَّة لم يُبارَكْ له فيها. ومن ولد في هذا اليوم، إن كان ذكرًا كان صالحًا ناسكًا كتومًا للأسرار، محمود السِّيرة، حسن المعيشة، كثير الأعداء، وإن كان أنثى كانت فاجرة متهتِّكة، سيئة السِّيرة مبغضة في الناس".
مقتل التنِّين
يقع "البُطَيْن" في كوكبة "الحَمَل"، وتحكي الأسطورة الإغريقية أنَّ البطل الإغريقي "جاسون" Jason قام برحلة شاقَّة ليحتاز جِزَّة الصوف الذهبية للحمل المقدَّس من "كولخيس" Colchis كشرط لاستعادة عرشه الذي اغتصبه عمُّه "بيلياس" Pelias من أبيه "أيسون" Aeson ملك "ثيساليا"Thessaly ، فبنى سفينة "الأرغو" Argo تسنده الآلهة، وانضمَّ إليه خمسون بطلًا من الإغريق، بينهم "هرقل" Hercules والشاعر "أورفيوس"Orpheus . وبعد رحلة طويلة مليئة بالأحداث الجسيمة، وصلوا إلى "كولخيس" حيث جِزَّة الصُّوف الذَّهبية معلَّقة على شجرة مقدَّسة يحرسها تنِّين عظيم في بلاط الملك "أييتيس" Aeètes، وكانت "ميديا" Medea ابنة الملك ساحرة وقعت في حب "جاسون"، وساعدته، على أن يكون لها زوجًا أبد الدهر، فأعطته خليط أعشاب سحريَّة قدَّمها للتِّنين، ونجح في نهاية الأمر في الاستحواذ على جِزَّة الصُّوف من الوحش الذي أثقل عينيه النعاس فقتله، وهكذا ظفر "جاسون" ورفاقه بمهمتهم المستحيلة.
وعاد مع "ميديا" إلى "تيساليا" لاسترداد عرش أبيه، وكان أبو "ميديا"، الملك "أييتيس" يطاردها بسفينته لاسترداد ابنه وولي عهده "أبسيرتوس" Apsyrtus، فقتلت "ميديا" أخاها ومزقته إربًا، وقذفت بكل قطعة في اتجاه لينشغل أبوها في جمع أشلائه، فيتأخر عن اللحاق والإمساك بها. ثم نجحت لاحقًا في قتل عم "جاسون"، مغتصب عرش أبيه، إلا أن "جاسون" لم يفِ بعهده وتزوَّج عليها امرأة أخرى، فقامت "ميديا" من فورها وذبحت أبناءها من "جاسون" انتقامًا منه ولِتَغْمُرَ بالقنوط قلبه.

No comments:

Post a Comment