Tuesday, March 7, 2017

سعد السعود



http://www.electronicvillage.org/mohammedsuwaidi_publications_indetail.php?articleid=498

ندعوكم للتعرف معنا على منزلة «سَعْدُ السُّعودِ» من مشروعنا الجديد #منازل_القمر للشاعر والمفكر الإماراتي #محمد_أحمد_السويدي .
نعرض هنا تباعا ًالثماني وعشرون منزلة التي ينزلها القمر كل عام، قوامها ثلاثة عشر يوماً لكل منزلة، عدا جبهة الأسد أربعة عشر يوماً، ما يجعل السنة 365 يوماً تمثل التقويم الشمسي للعرب.
ــــــــــــــــــــــــــــ
"سَعْدُ السُّعودِ"، هو ثالثُ "السُّعود" الأربعة، وثالث "خمسينيَّة الشِّتاء"، وآخر "العقارب"، وأوَّلُ منازل فصل الربيع، وعاشر المنازل اليمانيَّة. طالعه في الثامن من آذار (مارس)، ومدَّته ثلاثة عشر يومًا، و"سعد السعود" ثلاثة كواكب، أحدها نيّر، والآخران دونه، وقيل له "سعد السعود" لتيمُّنهم به. ويُطلِق أصحابُ الصُّورِ على نجمَيْه "المحِبَّيْن" أو "العاشِقَيْن".
وفي العلوم الفلكية الحديثة، وفي ما أظهرته المراصد والتلسكوبات، يتألَّق النَّجم العملاق "سعد السُّعود" (Sadalsuud)، أسطع نجوم كوكبة "الجدي"، بصفرة تتحدَّث عن زمرته الطَّيفيَّة (G0 lb). ويبلغ "قدره الظاهري" 2.86، وأمَّا "قدره المطلق" فهو 4.64-، أي يفوق تألُّقه شمسنا بـ 5000 ضعفا، ويبعد 610 "سنة ضوئيَّة" عن الأرض.
ومن تأثيرات دخول "سعد السُّعود"،على الطبيعة والمناخ ،اعتدال الجوِّ في النهار خاصة، وتكثر الأمطار، وتنعقد أوائل الثمر وتُغرس فسائلُ النَّخل، ويُقلَّمُ العِنَبُ والتينُ ويُزرع البِرْسيم والخُضار. ويفقس البيضُ عن أفراخ الطير، وفيه بَدْءُ هجرةِ الإوزِّ الرَّبيعي والكرك الصَّغير. وتكثرُ فيه الكمأة إذا تقدمها مطر في نجوم "الوَسْم" (نوء الوسم).
وفي "الإمارات" تزهر طائفة من النباتات في منزلة "سعد السُّعود" منها: "ذنب ناب"، و"الهَرْم"، و"القطب" (حسك) الذي تتجنَّبه الأقدام، و"الشكع"، و"البنفشة"، و"بربين الجدي"، و"الحزا"، و"الشرهام"، و"العوسج" (الصّريم) الذي يثمر المُصَع، و"البِنْج" ( سكران) الذي ترسل عصارته في الأطراف الخدر، و"القطف"، و"السراو" (مخيسة)، و"الطقيقة"، و"الخرمان"، و"الأراك" الذي تُتَّخذُ من غصونه المساويك، و"الحُمِّيض"، و"الفريفرو"، و"الحنزاب"، و"السيداف" الذي تُتَّخذُ أزهاره وصفة للباه، و"الشليلة"، و"الأرطاة" ذات العبق الطيِّب، و"الزَّانون"، و"الشيوع" (بان)، و"الحمرة" الضاربة للحمرة، وغيرها من النباتات.
وعن مصدر التسميات او التوصيفات المختلفة لـ"سعد" من "الذَّابِح" إلى "بُلَع" إلى"السُّعود" إلى "الأخبية" تحكي لنا قصص الإخباريين القدامى، أنَّ سعدًا كان شابًّا عزم على السَّفَر، فنصحه أبوه أن يتزوَّد فراءً وحطبًا اتقاءً لبردٍ ربما يباغته في أي لحظة، فلم يُصْغِ إلى نصيحة أبيه، وهو يوقن في نفسه أنَّ الطقس لن يتغيَّرَ كثيرًا أثناء رحلته. لكن ما إنْ أمعن في الطريق وابتعد، حتى اكفهرَّت السَّماء وتلبَّدت بالغيوم، وهبَّت ريحٌ باردة وهطل المطر والثَّلج بغزارة. ولم يكن أمامه سوى ذبح ناقته، وكانت كلَّ ما يملك في رحلته، حتى يحتميَ بأحشائها من البرد القارس. لذلك ذبح النَّاقة (فصار سعد الذَّابِح). وبعد أن احتمى في أحشائها من البرد، دبَّ الجوع في سعد، ولم يجد أمامه سوى لحمها زادًا، فكان "سعد بُلَع". وبعد انحسار العاصفة وظهور الشَّمس، خرج سعد فرحًا من مخبئه، فأصبح "سعد السُّعود"، ثمَّ قام بصنع معطف له من وبرها ومزودة لحفظ ما مكث من لحمها، فصار "سعد الأخْبِيَة".
وبطلوع "سعد السُّعود"، تدخل في اليوم الثالث منه (11 آذار) أيام "الحسوم" وهي ثمانية أيَّام ورد ذكرها في القرآن الكريم، ما يدلُّ على شيوع هذه العلوم ومعرفة العرب بها قبل الإسلام.
قال تعالى: ( سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ) (الحاقَّة:7). والمُرَاد بالآية العذاب الذي نزل بقوم عاد بسبب كفرهم وتكذيب الرُّسُل.‏
وأصل الكلمة مشتقٌّ من البت والحسم، فهذه الأيام حاسمة بين الشتاء والرَّبيع، فإذا تتابع الشيء ولم ينقطع أوَّلُه عن آخرِه، قيل له الحسوم.‏ ويعتقد العرب أنَّ الزَّواج في "سعد السُّعود" محمود.
يقول ساجع العرب: "إذا طلع سَعْدُ السُّعود، نَضَر العود، ولانَتْ الجلود، وذابَ كلُّ مجمود، وكره الناسُ في الشَّمس القعود". ويعني بـ "نَضَر العود" أن الماء جرى فيه فصار ناضرًا غضًّا. أمَّا "تلين الجلود"، أي بذهاب يبس الشتاء وقَحْله.
قال الكميت:
ولم يك نشؤك لي إذ نشأت كنوء الزُّبانَى عَجاجًا ومُورا
ولكنْ بِنجمِكَ سعدُ السُّعودِ طبقت أرضي غيثًا دَرورا
وقال جرير:
أَسْقَى المَنازِلَ بَينَ الدَّامِ وَالأُدُما عَيْنٌ تَحَلَّبُ بِالسَّعْدَيْنِ مِدْرَارُ
قال ابن عُنَيْن:
أَلا لَيتَ شِعري هَل تَبيتُ مُغِذَّةً ركابِيَ ما بَينَ النَّعائِمِ وَالنَّسْرِ
تُجاذِبُ ما بَينَ المَناظِرِ ناظِرًا مُريعًا وَتَتلو مَغرِبَ الطَّائِرِ النسرِ
وَتَرتَعُ مِن رَوضِ الحِمى في مَراتِعٍ أُرِيتَ بِها الفَرغَينِ في مُطفئِ الجَمرِ
وَلازَمَها سَعْدُ السُّعودِ وَصَحبُهُ إلى أَن تَلاقى الضَّبُّ وَالنُّونُ في وَكْرِ
وَأَهدى لَها الوَسمِيُّ سَبْعًا وَسَبْعَةً طُلوعُ الزُّبانَى قَبل ذاكَ مَع الفَجرِ
وقال البحتري:
إِن يَكُن في الأَنامِ سَعدُ سُعودٍ بَشَرِيًّا فَأَنتَ سَعدُ السُّعودِ
يا حَليفَ النَّدى بِكَ امتَدَّ باعي وَارتَوَت غُلَّتي وَأَوْرَقَ عُودي
وقال لسان الدين بن الخطيب:
كأنَّ الصَّواري على ظَهْرِها طُرِحْنَ مَخافةَ هوْلٍ شَديدْ
وإمَّا أُعِدَّتْ فأعْجازُ نَخْلٍ تفطَّرَ عنْ طَلْعِ يُمْنٍ نَضيدْ
تولَّى عُطارِدُ إتْقانَها وقابَلَها منْكَ سَعْدُ السُّعودْ
وقال إخوان الصَّفا عند نزول القمر في "سعد السُّعود": "فاعملْ فيه نيرنجات المحبَّة وعطف القلوب بالمودَّة وإطلاق الأخيذ (الأسير)، وحل عقد السُّموم القاتلة، واعمل فيه الطلسمات، واستفتحْ فيه جميع أعمالك، وادعُ فيه بالدعوة، وعالجْ فيه من الروحانية، وخالط الملوك والأشراف والإخوان، وازرعْ واكتلْ غلَّتك، والبسْ جدد ثيابك، وسافرْ، وتزوَّج، واشترِ الرَّقيق والدَّواب. ومن ولد فيه، ذكرًا كان أو أُنْثَى، كان سعيدًا ميمونًا، مستورًا محبَّبًا، محمود العمل والسِّيرة".
وتحكي الأساطير الإغريقيَّة أنَّ الجديان البحرية (أبناء بريكوس) Pricus وجدت طريقها إلى الساحل، فأغرتها الشطآن، ودفعتها أرجلها (أرجل الجدي الأمامية) لتستلقي عليها تحت أشعَّة الشمس. وكانت كلَّما طال مكوثها تحت الشَّمس، كلَّما تحوَّلت إلى جديان ذات قوائم، وكانت كلَّما صارت ذيولها أرجلًا تفقد القدرة على التحدث والتفكير، وتصبح الجديان التي نعرفها اليوم.
غُمَّ "بريكوس" من ذلك. ولكونه أبا ذلك العرق، ففكَّر في حيلة يمنع بها أبناءه من الذهاب إلى الشاطئ، كي لا يتحولوا إلى حيوانات لا عقل لها، ويحول دون رجوعهم إلى البحر.
قرر "بريكوس" بعد أن فقد كثيرًا من الأبناء، أن يستخدم قدرته على إرجاع عقارب الزمن، لثني أولاده عن الرجوع إلى البحر. ولأن إرجاع عقارب الزمن لا تؤثر على "بريكوس"، فهو الوحيد الذي يعلم ما الذي يحدث للجديان البحرية. لكن مهما حاول تحذيرهم عن طريق منعهم من الرَّعي على الشاطئ، وأيًّا كانت الوسيلة، أو عدد المرَّات التي يُرْجِعُ فيها الزمن، فإن الجديان البحرية لا تزال تجد طريقها إلى الأرض وتتحوَّل بذلك إلى جديان عادية.
عندها أدرك "بريكوس" اليائس بأن محاولاته الإبقاء عليهم في البحر، محكوم عليها بالفشل، فاختار النأي بنفسه بعيدًا ، ولم يعد يُرْجعُ الزَّمن، وترك أولاده يلقون مصيرهم.
استجدى "بريكوس" "كرونوس" Chronosفي تركه يموت، فهو لا يستطيع أن يحتمل أن يصبح الجدي الوحيد الباقي على الأرض. فاستجاب "كورانوس" لندائه ومنحه العيش الأبدي في قبَّة السماء كَكَوْكَبَةِ "الجدي". هاهو الآن يرقب من عليائه أولاده الجديان، ترعى على الأرض.
#منازل_القمر

No comments:

Post a Comment