Saturday, March 18, 2017

محمد السويدي في #حوار_خاص مع مجلة - قاف


محمد السويدي في #حوار_خاص مع مجلة "قاف"
(الجزء الاول)
ندعوكم لمطالعة الحوار الذي أجرته ونشرته مجلة #قاف، مع الشاعر الإماراتي /#محمد_أحمد_السويدي، ويتضمن إجابات على تساؤلات عدة تطرق إليها الحوار ، وسعدنا أن ننشاركه هنا مع أصدقاء الصفحة الكرام ، وننشره تباعاً على حلقات، نبدأها بالجزء الأول..
-------
س- ماذا عن محمد السويدي، قارئاً شاعراً وشغوفاً بالكتب؟
ج- في طفولتي كان للوالد مكتبة عامرة ومنها نهلت، وكانت لديه أسئلة مثيرة. وأتذكر أنه من بيت واحد للمتنبي نشأت غابة، اسمها "غابة القرن الرابع" التي أعرف كل شجرة فيها، واستطعت أن أحصي كل ورقة فيها حتى أنني أنشأت خريطة كاملة لعصر المتنبي، والخوض في ذلك كلٌ على حِدة ينجز كتاباً منفصلاً.
هنالك الكثير من ذكريات الطفولة نستعيدها على هيئة صوَر، وكما يقول "دافنشي" كأنها حدثت أمس. لكنَّ هناك أمورا تضمحل وتغيب، فأين ذهبت مكتبة الوالد تلك؟ وهو حيثما حلَّ ينشئ مكتبة أخرى. أتذكر الآن الحديث الذي دار مع والدي في مارس 2015.
ستة أشهر قضيتها معه في نزهة صباحية وتريض، خلوة كنت أحلم بها لأعرف أكثر وأكتشف المزيد عنه وعن العالم الذي عاش فيه.
أما عن ذكرياتي عن الكتب، فهي كثيرة ولا حصر لها، ومنها رواية كتبتها عن كتاب "قصة الحضارة" لـ "وول ديورانت"، عندما أَنجز قسم الثقافة والعلوم التابع لجامعة الدول العربية ترجمتها. كانت يومئذ عشرة مجلدات باللغة الإنجليزية، وانتهت مترجمة إلى العربية في أربعين مجلداً، وهو عمل مفيد، تعرفت فيه على مؤلفه وإنجازه التاريخي. وعندما أردنا ترجمة القسم الخاص بموسيقى "باخ" و"هاندل" كلَّفتُ الموسيقار "سلطان الخطيب"، لترجمة المصطلحات الموسيقية، وهنا وجدنا مجلداً أضافه "وول ديورنت" وهو "عصر نابليون"، ولم يكن هذا المجلد متاحاً عندما التفتوا للكتاب في الأربعينيات، فكلفنا الدكتور "عبد الرحمن الشيخ" بترجمته، وانتبهنا أيضاً إلى كتاب كان ممنوعاً يومها، ألا وهو "دفاعاً عن الهند" للمؤلف نفسه، فقمنا بترجمته ونشره.
وكانت فلسفتنا في معرض أبوظبي للكتاب ترمي إلى اختيار دُور نشر لا تزيد على ثلاثمائة دار، وتنتخب الكتب الأكثر حداثة لنقيم بين معرض الشارقة الدولي ومعرض القاهرة معرضاً يليق بإمارة أبوظبي.
ولا تنسَ قصة كتاب بدرهم. فقبل أيام، جاءني شخص من السعودية وقال لي: لقد عمَّرت مكتبتي من معرضكم الذي كان فيه الكتاب بدرهم. وكان من أهدافنا أن ينتهي الكتاب عند رفِّ أحدهم أفضل من أن يظلَّ في مخزن.
س: لم يعد مُسمَّى "المجمع الثقافي" قائماً، ولم يعد محمد السويدي أميناً عاماً له الآن. كيف ترى هذه التجربة؟
ج: "المجمع الثقافي" هو واحد من الواحات الجميلة في بلدي، بيتٌ من بيوتها العامرة، بالنسبة لي كان متنفساً حلواً لكثير من الأفكار. لم يكن عطاء "المجمّع" فردياً، بل كان أوركسترا جماعية يحسن أفرادها العزف بانسجام جميل ومفيد. ولدى خروجي من المجمع حدث للأوركسترا أمر آخر.
الآن انتقلت من مكان إلى آخر، وظلت معي المشاريع، أكتب وأسافر بوجود مجموعة من المثقفين تعمل معي إلى اليوم، فلم أنقطع عن هذا الشغف ولم ينقطع عني. إنَّ من خلفني اجتهد، ولكلٍّ رؤاه وخططه وجهوده. لكنَّ كثيراً من المشاريع يتبدَّد، أمَّا نجاحها أو عدمه فيشكِّل قصة أخرى. هي قوانين الكون فهناك مؤسسات تتراجع، وأخرى تتقدم. وفي رأيي أن التجربة الثقافية في الإمارات استمرَّت وازدهرت، ولكنَّها تحوَّلت بتحوُّلِ البنية العامة للدولة. أنا لم أكن معنياً بما يطلبه المستمعون، أعني رغبات الجمهور هنا، ربما تختلف الرؤى فمن الضروري أن نحترم تجارب استطاعت أن تقدم نفسها لكل الجمهور، فالأهواء، والآراء، والتجارب مختلفة، فلا نستطيع أن نقول لمخرج مثل "سبيليرج" أنت مخرج شباك تذاكر.
س: كونك شاعراً، مهتماً بالكتب الأدبية والعلمية، غارفاً من بحر التراث، طامحاً لأن تعرف كل شيء عن الإبداع الإنساني في العالم، وقد أخذتك السينما منذ كنت يافعاً إلى سبر أغوارها، كيف حدث ذلك؟
ج: عندما عملت بـ"المجمع الثقافي" في عام 1987 كنت حديث التخرج من الولايات المتحدة الأميركية، وقد شدتني سينما هوليود. ولقد عرفت طبيعة وسحر السينما والغوص في بحرها العميق من خلال السيد صلاح صلاح. فتعرفت من خلاله إلى أسرار الفن السابع، كما أدين أيضاً لبرنامج كنت أشاهده في أميركا وعنوانه: "سيسكل وإيبرت" وهو برنامج نقدي خفيف الظل، وكانت هناك أيضاً مجلة للمتخصصين اسمها Sight and Sound ولقد جذبني "سيسكل وإيبرت" بعد أن نجح نجاحاً باهراً، فحملت حلقاته معي وشاهدته مع صلاح، مما وفَّر علينا وقتاً من مشاهدة أفلام مملَّة. وهكذا بدأت مباشرة بالتوجيه لجعل السينما فعالية أساسية من فعاليات المجمع الثقافي.
كما أننا أصدرنا مجلة متخصصة اسمها "سينما"، ودعمنا ذلك بالإعلان عن مسابقات لأفلام الفيديو القصيرة، واستحضرنا أجهزة حديثة زوّدنا قاعة السينما بها، وبدأنا بتشجيع مخرجات ومخرجين إماراتيين على صناعة أفلام جيدة، لتبدأ أجواء السينما تعبق في "المجمع الثقافي"، ثم في إمارة أبوظبي وصولاً إلى انتشار دور السينما في كل الإمارات.
وأصبح نقل حفلات الأوسكار حياً ومتاحاً في مسرح المجمع، وكذلك السعي لاستجلاب أفلام حائزة على شهرة عالمية ليشاهدها الجمهور، واستضافة مخرجين ونقاد ذائعي الصيت وممثلين معروفين، وإقامة جلسات حوار وتقييم ونقد للسينما العربية والدولية. وجرى تشكيل قسم خاص في أحد أركان المجمع للمتابعة والسعي لإقامة استوديو مجهَّز للتصوير والتسجيل، طامحين إلى إقامة مهرجان سنوي للسينما في الإمارات، وهذا ما تحقَّق لاحقاً. ببساطة لقد استطعنا في "المجمع الثقافي" أن نرتقي بمفهوم الفيلم لدى الجمهور، وأن نسمو بذائقته إلى مستوى أرقى. ولاحظنا ذلك عملياً عبر الأعداد المتزايدة القادمة لمشاهدة العرض الأسبوعي لفيلم عالمي يومي الأربعاء والخميس من كل أسبوع.
-------------------
*انتظرونا في الجزء الثاني من الحوار.
 

No comments:

Post a Comment